للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد عشر، من جملتها سكينة، أي ومن جملتها الجابرة: أي التي تجبر، والعذراء والمرحومة. وفي كلام بعضهم: لها نحو مائة اسم منها دار الأخيار، ودار الأبرار، ودار الإيمان، ودار السنة، ودار السلامة، ودار الفتح. قال الإمام النووي: لا يعرف في البلاد أكثر اسما منها ومن مكة.

ومما يدل على أن خروجه صلى الله عليه وسلم من قباء متوجها إلى المدينة كان يوم الجمعة قول بعضهم: وعند مسيره صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي بمن معه من المسلمين وهم مائة، وصلاها بعد ذلك في المدينة وكانوا به صلى الله عليه وسلم أربعين.

فعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه «أنه صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة وكانوا أربعين رجلا، أي ولم يحفظ أنه صلاها مع النقص عن هذا العدد ومن حينئذ صلى الجمعة في ذلك المسجد. سمي هذا المسجد بمسجد الجمعة، وهو على يمين السالك نحو قباء، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة: أي وخطب لها، وهي أول خطبة خطبها في الإسلام أي ومن خطبته تلك «فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق تمرة فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طيبة فإنها تجزي الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة، والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحمة الله وبركاته» وفي رواية «والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته» ونقل القرطبي هذه الخطبة في تفسيره، وأوردها جميعها في المواهب، وليس فيها هذا اللفظ.

أقول: هذا واضح إن كان أقام في قباء الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس كما تقدم وأما على أنه صلى الله عليه وسلم أقام بضع عشر ليلة أو أكثر من ذلك كما تقدم، فيبعد أنه لم يصل الجمعة في قباء في تلك المدة. ثم رأيت في كلام بعضهم أنه كان يصلي الجمعة في مسجد قباء في إقامته هناك.

أي ويبعد أن صلاها من غير خطبة. وفي الجامع الصغير «إن الله كتب عليكم الجمعة في مقامي هذا، وفي ساعتي هذه، في مشهدي هذا، في عامي هذا إلى يوم القيامة، من تركها من غير عذر مع إمام عادل أو إمام جائر فلا جمع له شمله ولا بورك له في أمره، إلا ولا صلاة له ولا حج له، إلا ولا بركة له ولا صدقة له» فإن كان قال ذلك في هذه الخطبة التي خطبها في مسجد الجمعة كما هو المتبادر، اقتضى ذلك أنها لم تكن واجبة قبل ذلك وهو مخالف قول فقهائنا أنها وجبت بمكة ولم تقم بها لعدم قدرتهم على إظهارها بمكة، لأن إظهارها أقوى من إظهار جماعة الصلوات الخمس.

وفي الإتقان مما تأخر حكمه عن نزوله آية الجمعة فإنها مدنية والجمعة فرضت بمكة. وقول ابن الغرس إن اقامة الجمعة لم تكن بمكة قط يرده ما أخرجه ابن ماجه

<<  <  ج: ص:  >  >>