للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك؛ قال: كنت قائد أبي حين ذهب بصره، فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع النداء يستغفر لأبي أمامة أسعد بن زرارة، فقلت: يا أبتاه أرأيت صلاتك على أسعد بن زرارة كلما سمعت النداء بالجمعة لم هذا؟ قال:

أي بني، كان أول من صلى بنا الجمعة قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، هذا كلامه، وليتأمل ما وجه الرد من هذا.

وجاء «صلاة الجمعة بالمدينة كألف صلاة فيما سواها، وصيام شهر رمضان في المدينة ألف شهر فيما سواها» كذا في الوفاء عن نافع عن ابن عمر. وأوّل قرية صليت فيها الجمعة بعد المدينة قرية عبد القيس بالبحرين، وهل كانت الخطبة قبل الصلاة أو بعدها.

في الدر أنه صلى الله عليه وسلم كان وهو بالمدينة يخطب الجمعة بعد أن يصلي مثل العيدين، فبينما هو يخطب يوم الجمعة قائما، إذ قدمت عير دحية الكلبي، وكان إذا قدم يخرج أهله للقائه بالطبل واللهو، ويخرج الناس للشراء من طعام تلك العير والتفرج عليها، وقيل للتفرج على وجه دحية، فقد قيل كان إذا قدم دحية المدينة لم تبق معصر إلا خرجت لتنظر إليه لفرط جماله. ولا مانع أن يكون ذلك لاجتماع الأمرين، فانفض الناس ولم يبق معه صلى الله عليه وسلم إلا نحو اثني عشر رجلا. والجلال المحلي في قطعة التفسير أسقط لفظ نحو: أي وانفضاض ما عدا هؤلاء، يحتمل أن يكون بعد ذلك في حال الخطبة قبل تمام الأركان. ويحتمل أن يكون بعد ذلك.

وعلى الأول: يجوز أن يكون رجع ممن انفض ما يكمل به العدد أربعين قبل طول الفصل. وقد أعاد صلى الله عليه وسلم ما لم يسمعوه من أركان الخطبة عند انفضاضهم، فلا يخالف ما ذهب إليه إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه من وجوب سماع أربعين لأركان الخطبة.

قال مقاتل: بلغني أنهم فعلوا ذلك أي الانفضاض عند الخطبة ثلاث مرات، فأنزل الله تعالى وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً [الجمعة: الآية ١١] الآية. ثم صار صلى الله عليه وسلم يخطب قبل أن يصلي أي ليحافظ الناس على عدم الانفضاض لأجل الصلاة، وعليه انعقد الإجماع، فلا نظر لمخالفة الحسن البصري. وحينئذ يكون قول بعض فقهائنا استدلالا على وجوب تأخر صلاة الجمعة عن الخطبتين يثبت صلاته صلى الله عليه وسلم بعد خطبتين أي استقر ثبوت ذلك.

وعن الزهري «بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا خطب» أي في غير الخطبة المتقدمة «كل ما هو آت قريب لا بعد لما هو آت، لا يعجل الله لعجلة أحد ولا يخف لأمر من الناس، يريد الناس أمرا ويريد الله أمرا، فما شاء الله كان لا ما شاء الناس، وما شاء الله كان ولو كره الناس، لا مبعد لما قرب الله، ولا مقرب لما

<<  <  ج: ص:  >  >>