الطغاة الجناة؛ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين، قاتلوا الفئة الباغية الذين نازعوا الأمر أهله، قوموا رحمكم الله.
ولما قتل عمار ندم ابن عمر رضي الله تعالى عنهما على عدم نصرة عليّ والمقاتلة معه، وقال عند موته: ما أسفي على شيء ما أسفي على ترك قتال الباغية، قال بعضهم: شهدنا صفين مع علي بن أبي طالب في ثمانمائة من أهل بيعة الرضوان، وقتل منهم ثلاثة وستون منهم عمار بن ياسر، وكان خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين كان مع علي يوم صفين كافا سلاحه حتى قتل عمار جرد سيفه وقاتل حتى قتل، لأنه كان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «عمار تقتله الفئة الباغية» .
وفي الحديث «من عادى عمارا عاداه الله، ومن أبغض عمارا أبغضه الله، مما يزول مع الحق حيث يزول، عمار خلط الإيمان بلحمه ودمه، عمار ما عرض عليه أمران إلا اختار الأرشد منهما» .
وجاء «أن عمارا دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مرحبا بالطيب المطيب إن عمار بن ياسر حشي ما بين أخمص قدميه إلى شحمة أذنه إيمانا» وفي رواية «إن عمارا ملىء إيمانا من قرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه» .
وتخاصم عمار مع خالد بن الوليد في سرية كان فيها خالدا أميرا، فلما جاآ إليه صلى الله عليه وسلم استبا عنده، فقال خالد: يا رسول الله أيسرك أن هذا العبد الأجدع يشتمني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خالد لا تسب عمارا؛ فإن من سب عمارا فقد سب الله، ومن أبغض عمارا أبغضه الله، ومن لعن عمارا لعنه الله، ثم إن عمارا قام مغضبا، فقام خالد فتبعه حتى أخذ بثوبه واعتذر إليه، فرضي عنه.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «الحق مع عمار ما لم يغلب عليه دلهة الكبر» وهذا الحديث من أعلام النبوّة، فإن عمارا وقع بينه وبين عثمان بن عفان بعض الشحناء، وأشيع عنه أنه يريد أن يخلع عثمان، فاستدعاه سعد بن أبي وقاص وكان مريضا، فقال له: ويحك يا أبا اليقظان، كنت فينا من أهل الخير، فما الذي بلغني عنك، من السعي في الفساد بين المسلمين، والتألب على أمير المؤمنين، أمعك عقلك أم لا؟ فغضب عمار ونزع عمامته وقال: خلعت عثمان كما خلعت عمامتي هذه، فقال سعد: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويحك حين كبر سنك ورق عظمك ونفد عمرك، خلعت ربقة الإسلام من عنقك، وخرجت من الدين عريانا كما ولدتك أمك، فقام عمار مغضبا موليا وهو يقول: أعوذ بربي من فتنة سعد، وعند ذلك روى سعد الحديث وقال: قد دله وخرف عمار، وأظهر عمار القوم على ذلك.