للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصعة أرسلتني بها أمي إليه فيها ثريد خبز برّ بسمن ولبن فوضعتها بين يديه، وقلت:

يا رسول الله أرسلت بهذه القصعة أمي، فقاله: بارك الله فيها» أي وفي رواية «بارك الله فيك ودعا أصحابه فأكلوا» قال زيد: فلم أرم الباب: أي أرده حتى جاءت قصعة سعد بن عبادة ثريد وعراق لحم» أي بفتح العين عظم عليه لحم، فإن أخذ عنه اللحم قيل له عراق بضم العين. وقد جاء «كان أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الثريد» ويقال له الثفل بالمثلثة والفاء.

ولما بني المسجد جعل في المسجد محلا مظللا يأوي إليه المساكين يسمى الصفّة، وكان أهله يسمون أهل الصفة، وكان صلى الله عليه وسلم في وقت العشاء يفرقهم على أصحابه ويتعشى معه منهم طائفة.

وظاهر السياق أن ذلك: أي المحل فعل في زمن بناء المسجد وآوى إليه المساكين من حينئذ، لكن روى البيهقي عن عثمان بن اليمان قال: «لما كثر المهاجرون بالمدينة ولم يكن لهم زاد ولا مأوى، أنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، وسماهم أصحاب الصفة؛ وكان يجالسهم ويأنس بهم، أي وكان إذا صلى أتاهم فوقف عليهم فقال: لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا فقرا وحاجة» .

أقول: ذكر «أن المسجد كان إذا جاءت العتمة يوقد فيه بسعف النخل، فلما قدم تميم الداري المدينة صحب معه قناديل وحبالا وزيتا وعلق تلك القناديل بسواري المسجد وأوقدت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نوّرت مسجدنا نوّر الله عليك، أما والله لو كان لي ابنة لأنكحتكها» .

هذا، وفي كلام بعضهم: أول من جعل في المسجد المصابيح عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. ويوافقه قول بعضهم: والمستحب من بدع الأفعال تعليق القناديل فيها: أي المساجد. وأول من فعل ذلك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فإنه لما جمع الناس على أبي بن كعب في صلاة التراويح علق القناديل، فلما رآها عليّ تزهر قال: نورت مساجدنا نور الله قبرك يابن الخطاب، ولعل المراد تعليق ذلك بكثرة، فلا يخالف ما تقدم عن تميم الداري.

ثم رأيت في أسد الغابة عن سراج غلام تميم الداري قال «قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن خمسة غلمان لتميم الداري، فأمرني يعني سيده فأسرجت المسجد بقنديل فيه زيت وكانوا لا يسرجون فيه إلا بسعف النخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أسرج مسجدنا؟ فقال تميم: غلامي هذا، فقال: ما اسمه؟ فقال فتح. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل اسمه سراج، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم سراجا» .

وعن بعضهم قال: أمرني المأمون أن أكتب بالاستكثار من المصابيح في

<<  <  ج: ص:  >  >>