للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المساجد، فلم أدر ما أكتب، لأنه شيء لم أسبق إليه، فأريت في المنام أكتب، فإن فيها أنسا للمتجهدين، ونفيا لبيوت الله عن وحشة الظلم، فانتبهت وكتبت بذلك. قال بعضهم: لكن زيادة الوقود كالواقع ليلة النصف من شعبان، ويقال لها ليلة الوقود ينبغي أن يكون ذلك كتزويق المساجد ونقشها. وقد كرهه بعضهم والله أعلم.

قال: وذكر ابن إسحاق في كتاب المبدأ وقصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن تبع بن حسان الحميري، هو تبع الأول: أي الذي ملك الأرض كلها شرقها وغربها، وتبع بلغة اليمن: الملك المتبوع، ويقال له الرئيس لأنه رأس الناس بما أوسعهم من العطاء وقسم فيهم من الغنائم، وكان أول من غنم.

ولما عمد إلى البيت يريد تخريبه رمي بداء تمخض منه رأسه قيحا وصديدا، وأنتن حتى لا يستطيع أحد أن يدنو منه قيد رمح كما تقدم، وتقدم أنه بعد ذلك كسا الكعبة، وبعد ذلك اجتاز بيثرب، وكان في ركابه مائة ألف وثلاثون ألفا من الفرسان، ومائة ألف وثلاثة عشر ألفا من الرجالة، فأخبر أن أربعمائة رجل من أتباعه من الحكماء والعلماء تبايعوا أن لا يخرجوا منها، فسألهم عن الحكمة في ذلك؟ فقالوا:

إن شرف البيت إنما هو برجل يخرج يقال له محمد هذه دار إقامته ولا يخرج منها، فبنى فيها لكل واحد منهم دارا، واشترى له جارية وأعتقها وزوجها منه، وأعطاهم عطاء جزيلا، وكتب كتابا وختمه ودفعه إلى عالم عظيم منهم، وأمره أن يدفع ذلك الكتاب لمحمد صلى الله عليه وسلم إن أدركه، وفي ذلك الكتاب، أنه آمن به وعلى دينه، وبني دار له صلى الله عليه وسلم ينزلها إذا قدم تلك البلد ويقال إنها دار أبي أيوب. أي كما تقدم، وأنه من ولد ذلك العالم الذي دفع إليه الكتاب، أي فهو صلى الله عليه وسلم لم ينزل إلا داره أي على ما تقدم.

ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي دعا إلى الإسلام أرسلوا إليه ذلك الكتاب مع شخص يسمى أبا ليلى، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أنت أبو ليلى الذي معك كتاب تبع الأول؟ فقال له أبو ليلى: من أنت؟ قال: أنا محمد، هات الكتاب، فلما قرأه: أي قرىء عليه. وذكر بعضهم: أن مضمون الكتاب. أما بعد يا محمد، فإني آمنت بك وبربك ورب كل شيء، وبكل ما جاءك من ربك من شرائع الإسلام والإيمان. وإني قلت ذلك، فإن أدركتك فيها ونعمت، وإن لم أدركك فاشفع لي يوم القيامة ولا تنسني فإني من أصل الأولين، وبايعتك قبل مجيئك وقبل أن يرسلك الله، وأنا على ملتك وملة إبراهيم. وختم الكتاب وتلا: أي قرأ عليه لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ [الروم: الآية ٤] فقد قرأ هذا قبل نزوله: وكتب عنوان الكتاب: إلى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين ورسول رب العالمين، من تبع الأول حمير، أمانة الله في يد من وقع هذا الكتاب في يده،

<<  <  ج: ص:  >  >>