للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن المراد بالصلاة حقيقتها، وإلا جاز أن يراد بالصلاة الدعاء، ويوافق ذلك قول الإمتاع: لم أجد في شيء من كتب السير متى فرضت صلاة الجنازة.

ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم صلى على عثمان بن مظعون. وقد مات في السنة الثانية، وكذلك أسعد بن زرارة مات في السنة الأولى.

ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه الصلاة الحقيقة، وقد تقدم ذلك وتقدم ما فيه.

وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه يهود، أي بني قينقاع وبني قريظة وبني النضير: أي صالحهم على ترك الحرب والأذى: أي أن لا يحاربهم ولا يؤذيهم، وأن لا يعينوا عليه أحدا، وأنه إن دهمه بها عدوّ ينصروه، وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم.

وقد ذكر في الأصل صورة الكتاب، وآخى صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وهي دار أبي طلحة زوج أمّ أنس، أي واسمه زيد بن سهل، وقد ركب البحر غازيا فمات فلم يجدوا جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام فدفنوه بها ولم يتغير.

وعن أنس رضي الله تعالى عنه أن أبا طلحة لم يكن يكثر من الصوم في عهد رسول الله بسبب الغزو، فلما مات صلى الله عليه وسلم سرد الصوم. وكانت المؤاخاة- بعد بناء المسجد، وقيل والمسجد يا بنى- على المواساة والحق، وأن يتوارثوا بعد الموت دون ذوي الأرحام، وفي لفظ دون القرابة، فقال «تآخوا في الله أخوين أخوين» .

أقول: ذكر ابن الجوزي عن زيد بن أبي أوفى قال «دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد المدينة، فجعل يقول: أين فلان أين فلان؟ فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا عنده، فقال: إني محدثكم بحديث فاحفظوه وعوه وحدثوا به من بعدكم: إن الله تعالى اصطفى من خلقه خلقا، ثم تلا هذه الآية اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ [الحجّ: الآية ٧٥] وإني أصطفي منكم من أحبّ أن أصطفيه، وأواخي بينكم كما آخى الله تعالى بين ملائكته، قم يا أبا بكر، فقام فجثا بين يديه صلى الله عليه وسلم، فقال: إن لك عندي يدا الله يجزيك بها، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذتك خليلا، فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي وحرك قميصه بيده، ثم قال: ادن يا عمر، فدنا فقال: قد كنت شديد البأس علينا يا أبا حفص، فدعوت الله أن يعزّ بك الدين أو بأبي جهل ففعل الله ذلك بك، وكنت أحبهما إلى الله فأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة من هذه الأمة، وآخى بينه وبين أبي بكر» هذا كلام ابن الجوزي، وهو يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة آخى بين المهاجرين والأنصار أيضا كما آخى بينهم قبل الهجرة، وهذا لا يتم إلا لو آخى بين غير أبي بكر وعمر من المهاجرين، ويكون ابن أبي أوفى اقتصر.

والمعروف المشهور أن المؤاخاة إنما وقعت مرتين مرة بين المهاجرين قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>