الهجرة، ومرة بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة والله أعلم. ويدلّ لذلك قول بعضهم: كانوا إذ ذاك خمسين من المهاجرين وخمسين من الأنصار، أي وقيل كانوا تسعين «فأخذ بيد عليّ بن أبي طالب وقال: هذا أخي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ أخوين، وآخى بين أبي بكر وخارجة بن زيد» وكان صهرا لأبي بكر، كانت ابنته تحت أبي بكر «وبين عمر وعتبان بن مالك، وبين أبي رويم الخثعمي وبين بلال، وبين أسيد بن حضير وبين زيد بن حارثة، وكان أسيد ممن كناه النبي صلى الله عليه وسلم كناه أبا عبس، وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن وكان أحد العقلاء أهل الرأي، وكان الصديق رضي الله تعالى عنه يكرمه ولا يقدم عليه أحدا، وآخى بين أبي عبيدة وبين سعد بن معاذ، وآخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين سعد بن الربيع، وعند ذلك قال سعد لعبد الرحمن: يا عبد الرحمن إني من أكثر الأنصار مالا، فأنا مقاسمك، وعندي امرأتان فأنا مطلق إحداهما فإذا انقضت عدتها فتزوجها فقال له بارك الله لك في أهلك ومالك» .
وفي الأصل عن ابن إسحاق «آخى رسول الله بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال: تآخوا في الله أخوين أخوين» .
وفي كلام بعضهم «أنه صلى الله عليه وسلم آخى بين حمزة وبين زيد بن حارثة» وإليه أوصى حمزة يوم أحد، فليتأمل فإنهما مهاجران «ثم أخذ بيد عليّ بن أبي طالب وقال هذا أخي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ أخوين» وفيه أن هذا ليس من المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وقد تقدم في المؤاخاة بين المهاجرين قبل الهجرة مؤاخاته له صلى الله عليه وسلم. وفي رواية «لما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه جاء عليّ تدمع عيناه، فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أخي في الدنيا والآخرة» قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب «وآخى بين جعفر بن أبي طالب، وهو غائب بالحبشة وبين معاذ بن جبل» أي أرصد، معاذا لأخوة جعفر إذا قدم من الحبشة.
وبه يردّ ما قيل جعفر بن أبي طالب إنما قدم في فتح خيبر سنة سبع، فكيف يؤاخي بينه وبين معاذ بن جبل أول مقدمه عليه الصلاة والسلام «وآخى بين أبي ذرّ الغفاري والمنذر بن عمرو، وبين حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر، وبين مصعب بن عمير وأبي أيوب» .
وفي الاستيعاب «أنه آخى بين سلمان وأبي الدرداء» وجاء سلمان لأبي الدرداء زائرا فرأى أمّ الدرداء مبتذلة فقال: ما شأنك؟ قالت: إن أخاك ليس له حاجة في شيء من الدنيا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه، فسأل أبو الدرداء النبي صلى الله عليه وسلم عما قال