فأخبرته بما رأيت. أي وفي رواية: أنه أتاه ليلا وأخبره، وهي المذكورة في سيرة الحافظ الدمياطي.
ولا منافاة لأنه يجوز أن يكون قول عبد الله: فلما أصبحت: أي قاربت الصباح، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنها لرؤيا حق إن شاء الله تعالى، فقم مع بلال، فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به فإنه أندى» وفي رواية «أمدّ صوتا منك» أي أعلى وأرفع. وقيل أحسن وأعذب. ولا مانع من إرادة ذلك كله هنا «فقمت مع بلال» وفي رواية «فقال لبلال: قم فانظر ما أمرك به عبد الله بن زيد فافعله، فجعلت ألقيه عيه ويؤذن به» أي فبلال أول مؤذنيه صلى الله عليه وسلم، أي وقيل أول مؤذنيه عبد الله بن زيد ذكره الإمام الغزالي، وأنكره ابن الصلاح، أي حيث قال لم أجد هذا بعد البحث عنه، هذا كلامه.
وقد يقال: لا منافاة لأن عبد الله أول من نطق بالأذان، وبلال أول من أعلن به، وحينئذ يكون أوّل مشروعيته كان في أذان الصبح، فلما سمع بذلك: أي بأذان بلال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهو في بيته خرج يجر رداءه. وفي رواية: إزاره أي عجلا، أي وقد أعلم بالقصة لقوله «والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنه» . وفي رواية «مثل ما يقول» أي بلال رضي الله تعالى عنه «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلله الحمد» قال الترمذي:
عبد الله بن زيد بن عبد ربه لا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يصح إلا هذا الحديث الواحد في الأذان.
وقيل رأى مثل ما رأى عبد الله أبو بكر رضي الله تعالى عنه. وقيل سبعة من الأنصار وقيل أربعة عشر.
قال ابن الصلاح: لم أجد هذا بعد إمعان النظر، وتبعه النووي، فقال: هذا ليس بثابت ولا معروف، وإنما الثابت خروج عمر يجرّ رداءه، وقيل رآه صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء «أسمع ملكا يؤذن» أي فقد جاء في حديث بعض رواته متروك.
بل قيل إنه من وضعه «أنه لما أراد الله عز وجل أن يعلم رسوله الأذان جاء جبريل عليه الصلاة والسلام بدابة يقال لها البراق، فركبها حتى أتى الحجاب الذي يلي الرحمن، فبينما هو كذلك خرج من الحجاب ملك فقال: الله أكبر، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي أنا أكبر أنا أكبر» وذكر بقية الأذان.
فرؤيا عبد الله دلت على أن هذا الذي رآه في السماء يكون سنة في الأرض عند الصلوات الخمس التي فرضت عليه تلك الليلة، أي فلذلك قال «إنها لرؤيا حق إن شاء الله» .