وذلك على تسليم أن يكون المدعوّ به للصلاة خصوص اللفظ الذي وجد في المنام، وصار بلال يؤذن بذلك للصلوات الخمس، وينادي في الناس لغير الصلوات الخمس، لأمر يحدث يطلب له حضور الناس كالكسوف والخسوف والاستسقاء «الصلاة جامعة» .
قيل «وكان بلال إذا أذن، قال: أشهد أن لا إله إلا الله حيّ على الصلاة، فقال له عمر على أثرها: أشهد أن محمدا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: قل كما قال عمر» وهذا روي عن ابن عمر في حديث فيه راو ضعيف، ولولا التعبير بكان لأمكن حمل ذلك على أن بلالا أتى بذلك ناسيا في ذلك الوقت لما لقنه عبد الله بن زيد. ثم رأيت ابن حجر الهيتمي، قال: والحديث الصحيح الثابت في أول مشروعية الأذان يرد هذا كله، هذا كلامه.
قيل وزاد بلال في أذان الصبح بعد الحيعلات «الصلاة خير من النوم مرتين» فأقرها صلى الله عليه وسلم» أي لأن بلالا كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة، فيقول له الصلاة «فدعاه ذات غداة إلى الفجر، فقيل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم، فصرخ بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم مرتين» أي اليقظة الحاصلة للصلاة خير من الراحة الحاصلة بالنوم.
أقول: وهذا يقال له التثويب، وذكر فقهاؤنا أنه صح أنه صلى الله عليه وسلم لقن ذلك لأبي محذورة أي قال له «فإن كانت صلاة الصبح، قلت الصلاة خير من النوم» ولا منافاة لأن تعليم أبي محذورة للأذان كان عند منصرفه. صلى الله عليه وسلم من حنين على ما سيأتي، وكذا ما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم قال إن ذلك من السنة، لأنه يجوز أن يكون ذلك صدر منه بعد أن أقرّ بلالا عليه، نعم ذكر أنه لم ينقل أن ابن أم مكتوم كان يقوله، أي لقول بلال له في الأذان الأول، وهو يدل لمن قال إنه إذا قيل في الأذان الأول لا يقال في الثاني، لأن أذانه للصبح كان متأخرا عن أذان بلال في أكثر الأحوال، وهو محمل ما جاء في كثير من الأحاديث «إن بلالا يؤذن بليل فكلوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» ومن غير الأكثر محمل ما جاء «إن ابن أم مكتوم ينادي بليل وكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال، إن ابن أم مكتوم أعمى، فإذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا، وإذا أذن بلال فأمسكوا ولا تأكلوا» والراجح أنه يقوله فيهما: لكن ربما يخالف ذلك ما في الموطأ أن المؤذن جاء عمر يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما، فقال: الصلاة خير من النوم، فأمره عمر رضي الله عنه أن يجعلها في نداء الصبح» وفي الترمذي «أن بلالا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تثويب في شيء من الصلاة» أي من أذان الصلاة «إلا في صلاة الفجر» أي يقول الصلاة خير من النوم.
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع الأذان في مسجد، فأراد أن يصلي فيه، فسمع المؤذن يثوب في غير الصبح، فقال لرفيق له: اخرج بنا من عند