للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله، قال: أتعرفه وتثبته؟ قال نعم، قال: فما في نفسك منه؟ قال: عدواته والله ما بقيت؛ قال: وفي رواية أنها قالت: إن عمي أبا ياسر حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ذهب إليه وسمع منه صلى الله عليه وسلم وحادثه، ثم رجع إلى قومه فقال: يا قوم أطيعوني، فإن الله قد جاءكم بالذي كنتم تنتظرونه فاتبعوه ولا تخالفوه، ثم انطلق أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى قومه فقال لهم: أتيت من عند رجل والله لا أزال له عدوا. فقال له أخوه أبو ياسر: يا ابن أم أطعني في هذا الأمر واعصني فيما شئت بعد لا تهلك، فقال: والله لا نطيعك اهـ، أي ثم وافق أخاه حييا فكانا أشد اليهود عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم جاهدين في رد الناس من الإسلام بما استطاعا، فأنزل الله تعالى فيهما وفيمن كان موافقا لهما في ذلك وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة: الآية ١٠٩] .

وحيي بن أخطب هذا، قيل هو الذي قال لما نزل قوله تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [البقرة: الآية ٢٤٥] : يستقرضنا ربنا؛ وإنما يستقرض الفقير الغني، فأنزل الله تعالى لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ [آل عمران: الآية ١٨١] .

أي وقيل في سبب نزولها إن أبا بكر رضي الله تعالى عنه دخل بيت المدارس، فقال لفنحاص: اتق الله وأسلم، فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله، فقال: والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير، فغضب أبو بكر وضرب وجه فنحاص ضربا شديدا وقال: والله لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك، فشكاه فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر له أبو بكر ما كان منه، فأنكر قوله ذلك؛ فنزلت الآية.

وقيل في سبب نزولها أيضا «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل أبا بكر رضي الله تعالى عنه إلى فنحاص بن عازوراء بكتاب، وكان انفرد بالعلم والسيادة على يهود بني قينقاع بعد إسلام عبد الله بن سلام، يأمرهم في ذلك الكتاب بالإسلام وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن يقرضوا الله قرضا حسنا، فلما قرأ فنحاص الكتاب قال: أقد احتاج ربكم؟ سنمده» . وفي رواية «قال: يا أبا بكر تزعم أن ربنا يستقرضنا أموالنا وما يستقرض إلا الفقير من الغني، فإن كان حقا ما تقول، فإن الله جل وعلا إذا لفقير ونحن أغنياء، فضرب أبو بكر وجه فنحاص ضربا شديدا وقال: لقد هممت أن أضربه بالسيف وما منعني أن أضربه بالسيف إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دفع إليّ الكتاب قال لي: لا تفتت عليّ بشيء حتى ترجع إليّ، فجاء فنحاص إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشكا أبا بكر رضي الله تعالى عنه، فقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: ما حملك على ما صنعت؟

قال: يا رسول الله إنه قال قولا عظيما، زعم أن الله عز وجل فقير وأنهم أغنياء،

<<  <  ج: ص:  >  >>