الحديث «فقعد أحدهما عند رأسي والآخر تحت رجلي» فقال أحدهما: ما وجع الرجل؟ فقال الآخر: مطبوب، أي مسحور، فقال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: فيم؟ قال في مشط ومشاطة» وفي لفظ «ومشاقة» أي وهي المشاطة. وقيل هي مشاقة الكتان وجف بالجيم والفاء، وقيل بالباء الموحدة طلعة ذكر: أي غشاء طلع الذكر الذي يقال له كوز الطلع، قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي ذروان» على وزن مروان. وفي لفظ «بئر ذي أروان» وفي لفظ «بئر ذروان» وعليه اقتصر في الإمتاع «تحت صخرة في الماء قال: فما دواء ذلك؟ قال: تنزح البئر ثم تقلب الصخرة فتوجد الكدية فيها تمثال فيه إحدى عشرة عقدة فتحرق: فإنه يبرأ بإذن الله تعالى، ثم أحضر صلى الله عليه وسلم لبيدا فاعترف فعفا عنه لما اعتذر له بأن الحامل له على ذلك حب الدنانير. وقيل له: يا رسول الله لو قتلته، فقال صلى الله عليه وسلم: قد عافاني الله، ما وراءه من عذاب الله تعالى أشد» .
ويحتاج إلى الجمع بين كون جبريل قال له سحرك إلى آخره، وكون جاءه رجلان قعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال أحدهما للآخر ما وجع الرجل إلى آخره قيل وهذا: أي عدم قتل الساحر ربما يعارض القول بأن الساحر يتحتم قتله. وفيه أنه عندنا لا يتحتم قتله، ولا يقتل إلا إذا قتل بسحره واعترف بأن سحره يقتل غالبا.
ولبيد هذا قيل إنه أول من قال بنفي صفات الباري، وقال بها الجهم بن صفوان وأظهرها، فقيل لأتباعه في ذلك الجهمية.
«فعند ذلك بعث صلى الله عليه وسلم عليا وعمار بن ياسر إلى تلك البئر فاستخرجا ذلك» .
وقيل الذي استخرج السحر بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قيس بن محصن.
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله تعالى عنها «أنه صلى الله عليه وسلم توجه إلى البئر مع جماعة من أصحابه، فإذا ماؤها كأنه خضب بالحناء، فاستخرجا» أي النبي صلى الله عليه وسلم وجماعته «منها ذلك» .
ويحتاج إلى الجمع بين كون صلى الله عليه وسلم أرسل لاستخراج السحر عليا كرم الله وجهه، وكونه بعث لاستخراجه عليا وعمار بن ياسر، وكونه أمر قيس بن محصن باستخراجه، وكونه صلى الله عليه وسلم ذهب هو وجماعته لاستخراجه، فإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة: أي وإذا فيها إبر مغروزة، ونزلت المعوذتان، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما قرأ آية انحلت عقدة حتى انحلت العقد، فذهب عنه صلى الله عليه وسلم ما كان يجد.
أي ولا ينافي ما تقدم أن القارىء لذلك جبريل عليه الصلاة والسلام، لجواز أن يكون كلاهما صار يقرأ الآية، أو أنه صلى الله عليه وسلم صار يقرأ بعد قراء جبريل.