للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري» وجاء أنه صلى الله عليه وسلم قال: «بعثت أنا والساعة كهاتين وقال بأصبعيه هكذا يعني السبابة والوسطى» أي جمع بينهما. وفي رواية «بعثت في نفس الساعة سبقتها كما سبقت هذه هذه» وفي رواية «سبقتها بما سبقت هذه هذه وأشار بأصبعيه الوسطى والسبابة» قال الطبري الوسطى تزيد على السبابة نصف سبع أصبع، كما أن نصف يوم من سبعة أيام نصف سبع، أي وقد تقدم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الدنيا سبعة أيام، كل يوم ألف سنة، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم منها، وتقدم في حديث أخرجه أبو داود «لن يعجز الله أن يؤخر هذه الأمة نصف يوم» يعني خمسمائة سنة قال بعضهم: فإن قيل ما وجه الجمع بين هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الساعة «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل» لدلالة الرواية الأولى على علمه بها.

أجيب بأن القرآن نطق بأن علمها عند الله لا يعلمها إلا هو. ومعنى قوله «بعثت أنا والساعة كهاتين» أنه ليس بيني وبينها نبي آخر يأتي بشريعة ولا يتراخى إلى أن تندرس شريعتي، فهو صلى الله عليه وسلم أول أشراطها لأنه نبي آخر الزمان، وهذا لا يقتضي أن يكون عالما بخصوص وقتها. قال ابن سلام: وكنت عرفت صفته واسمه: أي في التوراة. زاد في رواية «فكنت مسرّا لذلك ساكتا عليه حتى قدم المدينة فجئته صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا محمد إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، ما أول أشراط الساعة؟

وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بهن جبريل آنفا، فقال ابن سلام: ذلك يعني جبريل عدو اليهود من الملائكة» .

وقيل قائل ذلك عبد الله بن صوريا، ولا مانع من أن يكون قال ذلك كل منهما: أي وعن ابن صوريا أنه قال له صلى الله عليه وسلم: «من ينزل عليك بالوحي؟ قال جبريل، قال: ذلك عدّونا لو كان غيره» وفي لفظ «لو كان ميكائيل لآمنا بك لأن جبريل ينزل بالخسف والحرب والهلاك، وميكائيل، ينزل بالخصب والسلم» .

وسبب العداوة أنهم زعموا أنه أمر أن يجعل النبوة فيهم: أي يجعل النبي المنتظر في بني إسرائيل الذين هم أولاد إسحاق فجعلها في غيرهم: أي في ولد إسماعيل.

وقيل سبب عداوتهم لجبريل أنه أنزل على نبيهم أن بيت المقدس سيخربه بختنصر فبعثوا من يقتله من أعظم بني إسرائيل قوة، فأراد قتله فمنعه عنه جبريل وقال: إن كان ربكم أمره بإهلاككم فإنه لا يسلطكم عليه، فصدقه ورجع عنه.

أي فإن بني إسرائيل لما اعتدوا وقتلوا شعياء جاء بختنصر ملك فارس وحاصر

<<  <  ج: ص:  >  >>