الشهادة به العارفون به. أو نور الإله الذي هو النبوة تذهبه الألسن؟ لا يكون ذلك، وكيف يكون ذلك وهو الذي يستضاء به في الظاهر والباطن، كيف يوصل الإله قلوبا للحق وملؤها البغضاء لحبيبه صلى الله عليه وسلم؟.
أقول: وقيل في سبب نزول سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)[الإخلاص: الآية ١] أن وفد نجران لما نطقوا بالتثليث، قال لهم المسلمون: من خلقكم؟ قالوا الله، قالوا لهم:
فلم عبدتم غيره وجعلتم معه إلهين؟ فقالوا: بل هو إله واحد؛ لكنه حل في جسد المسيح، إذا كان في بطن أمه، فقالوا لهم: هل كان المسيح يأكل الطعام؟ قالوا: كان يأكل الطعام، فأنزل الله تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) تكذيبا لهم في أنه ثالث ثلاثة، والصمد: هو الذي لا جوف له، فهو غير محتاج إلى الطعام.
وقيل سبب نزولها أن قريشا هم الذين قالوا له انسب لنا ربك يا محمد؛ وتقدم ما فيه والله أعلم.
وقد جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في تفسير قوله تعالى يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [البقرة: الآية ٤٠] قال الله تعالى للأحبار من اليهود وَأَوْفُوا بِعَهْدِي [البقرة: الآية ٤٠] الذي أخذته في أعناقكم للنبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءكم بتصديقه واتباعه أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [البقرة: الآية ٤٠] أنجز لكم ما وعدتم عليه؛ بوضع ما كان عليكم من الإصر والأغلال وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ [البقرة: الآية ٤١] وعندكم فيه من العلم ما ليس عند غيركم وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: الآية ٤٢] أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي، وبما جاء به وأنتم تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم.
قال بعضهم: ولم يسلم من رؤساء علماء اليهود إلا عبد الله بن سلام وضم إليه السهيلي عبد الله بن صوريا، قال الحافظ ابن حجر: لم أقف لعبد الله بن صوريا على إسلام من طريق صحيح، وإنما نسب لتفسير النقاش؛ أي ويضم لعبد الله بن سلام ميمون المتقدم ذكره.
وروي في سبب إسلام عبد الله بن سلام: أي إظهار إسلامه على ما تقدم أنه لما بلغه مقدم النبي صلى الله عليه وسلم أتاه في قباء، فعنه رضي الله تعالى عنه «جاء رجل حتى أخبر بقدومه صلى الله عليه وسلم وأنا في رأس نخلة أعمل فيها وعمتي تحتي جالسة، فلما سمعت بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم كبرت، فقالت لي عمتي: لو كنت سمعت بموسى بن عمران ما زدت، فقلت لها: أي عمة، فو الله هو أخو موسى بن عمران وعلى دينه بعث بما بعث به. قالت يا بن أخي أهو النبي الذي كنا نخبر أنه يبعث مع بعث الساعة وفي لفظ «مع نفس الساعة، فقلت لها نعم» .
أي وقد جاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما «بعثت بين يدي الساعة