منها لا يعود إليها سلطان المسلمين أبدا، فسبه بعض الناس، وقال له: ما لك ولهذا؟ يابن اليهودية، فقال عليّ: دعوه، فنعم الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم» .
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: لقد لقيت عبد الله بن سلام، فقلت له: أخبرني عن ساعة الإجابة يوم الجمعة، فقال في آخر ساعة في يوم الجمعة؟
قلت: وكيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي» وتلك الساعة لا صلاة فيها؟ فقال ابن سلام: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم «من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي» .
وفيه أن في الصحيحين «إن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي فسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه إياه» ثم رأيت عن سنن ابن ماجه أن جواب ابن سلام تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ونص السنن المذكورة، عن عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه، قال «قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، إنا لنجد في كتابنا يعني التوراة، في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله عز وجل فيها شيئا إلا قضى حاجته، قال عبد الله بن سلام:
فأشار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعض ساعة؟ فقلت: صدقت يا رسول الله، أو بعض ساعة، قلت: أي ساعة هي؟ قال: آخر ساعة من ساعات النهار، قلت: إنها ليست ساعة صلاة، قال: بلى؛ إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يحبسه إلا الصلاة فهو في الصلاة» أي ولعل لفظ قائم في رواية الصحيحين يراد به مريد القيام إلى الصلاة، أي صلاة العصر. وقد قيل: إن تلك الساعة رفعت بعد موته صلى الله عليه وسلم. وقيل هي باقية، وهو الصحيح. وعليه، فقيل لا زمن لها معين، وقيل هي في زمن معين وعليه ففي تعيينها أحد عشر قولا، وقيل أربعون قولا.
وقد وقع لميمون بن يامين وكان رأس اليهود مثل ما وقع لابن سلام مع اليهود «فإنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ابعث إليهم واجعلني حكما فإنهم يرجعون إليّ، فأدخله داخلا وأرسل إليهم، فجاؤوه صلى الله عليه وسلم، فقال لهم اختاروا رجلا حكما يكون بيني وبينكم، قالوا: قد رضينا ميمون بن يامين، فقال: أخرج إليهم، فقال: أشهد إنه لرسول الله، فأبوا أن يصدقوه» والله أعلم.
وقد أشار إلى إنكارهم نبوته صلى الله عليه وسلم مع معرفتهم لها صاحب الهمزية يقوله:
عرفوه وأنكروه فظلما ... كتمته الشهادة الشهداء
أو نور الإله تطفئه الأف ... واه وهو الذي به يستضاء
كيف يهدي الإله منهم قلوبا ... حشوها من حبيبه البغضاء
أي عرفوه أنه النبي المنتظر، وأنكروه بظواهرهم، ولأجل ظلمهم كتمت