قال: ويؤيد أن هذا مراد الحديث ما جاء «تبدل الأرض بيضاء مثل الخبزة يأكل منها أهل الإسلام حتى يفرغوا من الحساب» هذا كلامه، فليتأمل ما مع قبله من أن الأرض تبدل بأرض من فضة، وأن هذا يدل على أن تلك الأرض التي تكون خبزة تكون في موقف الحساب. وما جاء عن عليّ رضي الله تعالى عنه يدل على أنها تكون بعد مجاوزتهم الصراط «وأول الناس إجازة فقراء المهاجرين، وتحفة أهل الجنة حين يدخلونها زيادة كبد النون» أي الحوت «وغذاؤهم ينحر لهم ثور الجنة التي يأكل من أطرافها، وشرابهم من عين تسمى سلسبيلا. وسألوه صلى الله عليه وسلم فقالوا: أخبرنا عن علامة النبي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: تنام عيناه ولا ينام قلبه. وسألوه أي طعام حرم إسرائيل على نفسه قبل أن تنزل التوراة؟ قال: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب مرض مرضا شديدا وطال سقمه، فنذر لله لئن شفاه الله تعالى من سقمه ليحرمنّ أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه، فكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها؟ قالوا: اللهم نعم» أي حرمهما ردعا لنفسه ومنعا لها عن شهواتها. وقيل لأنه كان به عرق النسا وكان إذا طعم ذلك هاج به.
وذكر أن سبب نزول قوله تعالى كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ [آل عمران: الآية ٩٣] قول اليهود له صلى الله عليه وسلم «كيف تقول إنك على ملة إبراهيم وأنت تأكل لحوم الإبل وتشرب ألبانها وكان ذلك محرما على نوح وإبراهيم حتى انتهى إلينا أي علمه في التوراة، فنحن أولى الناس بإبراهيم منك ومن غيرك، فأنزل الله تعالى الآية تكذيبا لهم أي بأن هذا إنما حرمه يعقوب على نفسه، ومن ثم جاء فيها فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [آل عمران: الآية ٩٣] .
وكانت اليهود إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها أي وفي كلام الواحدي قال المفسرون: كانت العرب في الجاهلية إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يساكنوها في بيت كفعل المجوس هذا كلامه «فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك» أي قال له بعض الأعراب «يا رسول الله البرد شديد والثياب قليلة، فإن آثرناهن بالثياب هلك سائر أهل البيت، وإن استأثرنا بها هلك الحيض فأنزل الله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً [البقرة: الآية ٢٢٢] الآية فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح» أي الوطء وما في معناه، وهو مباشرة ما بين السرة والركبة، أي فإن الآية لم تنص إلا على عدم قربانهن بالوطء في الحيض.
ومن ثم جاء في رواية «إنما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهن إذا حضن، ولم يأمركم