باخراجهن من البيوت، فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالا إن اليهود قالت كذا فهلا نجامعهن؟ أي نوافقهن، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم» أي وعند ذلك قال بعض الصحابة «فظننا أنه قد وجد أي غضب عليهما فلما خرجا استقبلتهما هدية من لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل في أثرهما فسقاهما، فعرفنا أنه لم يجد عليهما» .
وذكر المفسرون أن في منع الوطء للحائض اقتصادا من إفراط اليهود وتفريط النصارى، فإنهم لا يمتنعون من وطء الحيض، أي وذكر أن ابن سلام وغيره ممن أسلم من يهود استمروا على تعظيم السبت وكراهة أكل لحم الإبل وشرب ألبانها، فأنكر ذلك عليهم المسلمون فقالوا: إن التوراة كتاب الله فنعمل به أيضا، فأنزل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً [البقرة: الآية ٢٠٨] : أي وفي رواية «قالوا له ما هذا السواد الذي في القمر؟ فأجابهم صلى الله عليه وسلم عن ذلك بأنهما كانا شمسين أي شمس في الليل وشمس في النهار، قال الله تعالى فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً [الإسراء: الآية ١٢] فالسواد الذي يرى هو المحو» أي أثره. قال بعضهم في قوله تعالى وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ [يس: الآية ٣٧] أن الليل ذكر والنهار أنثى، فالليل كآدم والنهار كحواء.
وقد ذكر أن الليل من الجنة والنهار من النار، ومن ثم كان الأنس بالليل أكثر وجاء «أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل من علماء اليهود: أتشهد أني رسول الله؟ قال لا، قال أتقرأ التوراة؟ قال نعم، قال: والإنجيل؟ قال نعم، فناشده هل تجدني في التوراة والإنجيل؟ قال: نجد مثلك ومثل مخرجك ومثل هيئتك، فلما خرجت خفنا أن تكون أنت، فنظرنا فإذا أنت لست هو، قال: ولم ذاك؟ قال: معه من أمته سبعون ألفا ليس عليهم حساب ولا عذاب، وإنما معك نفر يسير، قال: والذي نفسي بيده لأنا هو وإنهم لأكثر من سبعين ألفا وسبعين ألفا» وقد سأله صلى الله عليه وسلم اليهود عن الرعد أي والبرق فقال «صوت ملك موكل بالسحاب يسوقه أي بمخراق من نار في يده يزجر به السحاب إلى حيث أمره الله تعالى» .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال «البرق مخاريق من نار بأيدي ملائكة يزجرون به السحاب» والمخراق المنديل يلف ليضرب به، أي وحينئذ فالمراد بالملك الجنس. وفي رواية «إن الله ينشىء السحاب فينطق أحسن النطق ويضحك أحسن الضحك، ومنطقها الرعد، وضحكها البرق» .
وفي بعض الآثار «لله ملائكة يقال لهم الحيات، فإذا حركوا أجنحتهم فهو البرق» أي وتحريكهم لأجنحتهم يكون غالبا عند الرعد، لأن الغالب وجود البرق عند الرعد.