فعن البراء رضي الله تعالى عنه قال «دخلت مع أبي بكر الصديق على أهله فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها الحمى، فرأيت أباها يقبل خدها ويقول: كيف أنت يا بنية؟ قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: فتمزق شعري، ففرقتها ومسحت وجهي بشيء من ماء ثم أقبلت تقودني حتى وقفت بي عند الباب وإني لأنهج حتى سكن نفسي، ثم دخلت بي، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على سرير في بيتنا وعنده رجال ونساء من الأنصار، فأجلستني في حجره، ثم قالت: هؤلاء أهلك، بارك الله لك فيهم، وبارك لهم فيك، فوثب الرجال والنساء فخرجوا، وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا» أي فقد بني بها نهارا.
وفي الصحاح: العامة تقول: بنى بأهله وهو خطأ، وإنما يقال بنى على أهله، قال الحافظ ابن حجر: ولا يغني عن الخطأ كثرة استعمال الفصحاء له: أي كاستعمال عائشة له هنا. وفي الاستيعاب وأقره، عن عائشة رضي الله تعالى عنها «أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه قال: يا رسول الله ما يمنعك أن تبني بأهلك؟ قال: الصداق، فأعطاه أبو بكر اثنتي عشرة أوقية ونشا، فبعث بها إلينا وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي هذا الذي أنا فيه، وهو الذي توفي به، ودفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم» وفيه أن سياق ما تقدم وما يأتي يدلّ على أنه إنما دخل بها في بيت أبيها بالسنح.
ثم رأيت بعضهم صرح بذلك، فقال «كان دخوله بها عليه الصلاة والسلام بالسنح نهارا» وهذا خلاف ما يعتاده الناس اليوم هذا كلامه. وفي رواية عنها «أتتني أمي وإني لفي أرجوحة مع صواحب لي فصرخت بي، فأتيتها ما أدري ما تريد مني، فأخذت بيدي حتى وقفت بي على باب الدار وأنا أنهج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهنّ وأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين» قال بعضهم: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة ولعبتها معها.
أي وعنها رضي الله تعالى عنها أنها كانت تلعب بالبنات أي اللعب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تأتيها جويريات يلعبن معها بذلك، وربما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسيرهن إليها: أي يطلبهن لها ليلعبن معها. قالت «وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو حنين، فهبت ريح فكشفت ناحية من ستر على صفة في البيت عن بنات لي، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قلت: بناتي، ورأى بينهن فرسا لها جناحان من رقاع، قال:
وما هذا الذي أرى وسطهن؟ قلت: فرس. قال: وما هذا الذي عليه؟ قلت جناحان، قال: جناحان! قلت: أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة فضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه» وفيه هلا أمرها بتغيير ذلك.