أقول: وبدخوله أي على أم بشر صلى الله عليه وسلم وعلى الربيع بنت معوذ ابن عفراء، وعلى أم حرام بنت ملحان، وعلى أختها أم سليم، والخلوة بكل منهن، فقد كانت أم حرام بنت ملحان تفلي رأسه الشريفة وينام عندها، استدل أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم جواز النظر إلى الأجنبية والخلوة بها لأمنه الفتنة كما سيأتي، والله أعلم.
وسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين، وقيل كانت تلك الصلاة التي هي صلاة الظهر التي وقع التحول فيها في مسجده صلى الله عليه وسلم، فخرج عباد بن بشر وكان صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومرّ على قوم من الأنصار يصلون العصر وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البيت يعني الكعبة ثم بلغ أهل قباء ذلك وهم في صلاة الصبح في اليوم الثاني أي وهم ركوع، وقد ركعوا ركعة فنادى مناد: ألا إن القبلة قد حولت إلى الكعبة، فتحولوا إليها.
أي وفي البخاري «بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، فاستداروا إلى الكعبة، وفي مسلم بدل صلاة الصبح صلاة الغداة. قال الحافظ ابن حجر: وهو أحد أسمائها.
وقد نقل بعضهم كراهة تسميتها بذلك، ولم ينقل أنهم أمروا بقضاء العصر والمغرب والعشاء، ولا إعادة الركعة التي صلوها من الصبح، وهو دليل على أن الناسخ لا يلزم حكمه إلا بعد العلم به وإن تقدم نزوله. وعلى أنه يجوز ترك الأمر المقطوع به، وهو استقبال بيت المقدس إلى أمر مظنون وهو خبر الواحد.
وأجيب عن هذا الثاني بأن الخبر المذكور احتفت به قرائن أفادت القطع عندهم بصدق المخبر، فلم يتركوا الأمر المعلوم إلا لأمر معلوم أيضا. على أنه يجوز نسخ المتواتر بالآحاد، لأن محل النسخ الحكم، ودلالة المتواتر عليه ظنية كما تقرر في محله. ويقال إن المبلغ لهم عباد بن بشر أيضا فيكون عباد أتى بني حارثة أولا في صلاة العصر ثم توجه إلى أهل قباء فأعلمهم بذلك في وقت الصبح، والقرآن الذي نزل قوله تعالى قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ [البقرة: الآية ١٤٤] الآيات أي وإلى هذا يشير بعضهم بقوله:
كم للنبي المصطفى من آية ... غراء حار الفكر في معناها
لما رأى الباري تقلب وجهه ... ولاه أيمن قبلة يرضاها
وعن عمارة بن أوس الأنصاري، قال: صلينا إحدى صلاتي العشي أي وهما الظهر والعصر، فقام الرجل على باب المسجد ونحن في الصلاة، فنادى: إن الصلاة