أخرى، وعثمان درجة أخرى. ومن ثم قال في النور: وهذا يدل على أنه كان أكثر من ثلاث درجات. أي أربعة غير المستراح، وإلا يلزم أن يكون عمر وعثمان كانا يخطبان على الأرض.
قال: ويمكن تأويله، هذا كلامه، ولينظر ما تأويله، فإنه يلزم على كونه درجتين غير المستراح، أن يكون الصدّيق كان يخطب على الدرجة الثانية، وعمر يخطب على الأرض، وأن عثمان فعل كفعل عمر. وحينئذ لا يحسن قولهم وعثمان نزل درجة أخرى، إذ لا درجة بعد الدرجة الثانية ينزل عنها. وحينئذ يشكل ما في الإمتاع وهو: كان منبره صلى الله عليه وسلم درجتين ومجلسا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس على المجلس ويضع رجليه إذا قعد على الدرجة الثانية، فلما ولي أبو بكر رضي الله تعالى عنه قام على الدرجة الثانية ووضع رجليه على الدرجة السفلى، فلما ولي عمر رضي الله تعالى عنه، قام على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض إذا قعد، فلما ولي عثمان رضي الله تعالى عنه فعل كذلك: أي كفعل عمر ست سنين من خلافته ثم علا إلى موضع وقوفه صلى الله عليه وسلم، هذا كلامه، وكان ينبغي أن يقول: بدل قوله، فلما ولي أبو بكر قام على الدرجة الثانية جلس على الدرجة الثانية، وكذا قوله: فلما ولي عمر قام على الدرجة السفلى جلس على الدرجة السفلى، أي فقد خطب على الأرض وكذا عثمان.
وذكر فقهاؤنا أن منبره صلى الله عليه وسلم كان ثلاث درج غير الدرجة التي تسمى المستراح وتسمى بالمقعد والمجلس، فكان صلى الله عليه وسلم يقف على الثالثة: أي بالنسبة للسفلى، وإذا جلس يجلس على المستراح ويجعل رجليه محل وقوفه إذا قام للخطبة، وكذا الخلفاء الثلاثة كل يجعل رجليه محل وقوفه.
ويذكر أن المتوكل قال يوما لجلسائه وفيهم عبادة: أتدرون ما الذي نقم على عثمان؟ نقم عليه أشياء، منها أنه قام أبو بكر رضي الله تعالى عنه دون مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرقاة، ثم قام عمر رضي الله تعالى عنه دونه بمرقاة، فصعد عثمان رضي الله تعالى عنه ذروة المنبر، فقال له عبادة: ما أحد أعظم منه عليك يا أمير المؤمنين من عثمان، قال: وكيف ذاك. قال: لأنه صعد ذروة المنبر وإنه لو كان كلما قام خليفة نزل عمن تقدمه كنت أنت تخطبنا في بئر عميق، فضحك المتوكل ومن حوله، وكون عثمان صعد ذروة المنبر إنما هو آخر الأمر كما علمت.
وفي كلام بعضهم: أول من اتخذ المنبر خمس عشرة درجة معاوية رضي الله تعالى عنه، وأنه أول من اتخذ الخصيان في الإسلام، وأول من قيدت بين يديه الجنائب، وعثمان أول من كسا المنبر قبطية.
وعن الواقدي أن امرأة سرقت كسوة عثمان للمنبر فأتى بها إليه، فقال لها