قومه يهزم الجيش، فلما وصل مكة ونظر إلى وجه عبد المطلب خضع إلى آخر ما تقدم. فإسقاط المواهب كون قريش جيشت جيشا مع قومه، ثم إن أبرهة أرسل رجلا من قومه ليهزم الجيش لا يحسن. ثم ركب عبد المطلب لما استبطأ مجيء القوم إلى مكة ينظر ما الخبر فوجدهم قد هلكوا: أي غالبهم، وذهب غالب من بقي، فاحتمل ما شاء من صفراء وبيضاء، ثم آذن: أي أعلم أهل مكة بهلاك القوم فخرجوا فانتهبوا.
وفي كلام سبط ابن الجوزي: وسبب غنى عثمان بن عفان أن أباه عفان وعبد المطلب وأبا مسعود الثقفي لما هلك أبرهة وقومه كانوا أول من نزل مخيم الحبشة، فأخذوا من أموال أبرهة وأصحابه شيئا كثيرا ودفنوه عن قريش، فكانوا أغنى قريش وأكثرهم مالا. ولما مات عفان ورثه عثمان رضي الله تعالى عنه.
أي ومن جملة من سلم من قوم أبرهة ولم يذهب بل بقي بمكة سائس الفيل وقائده.
فعن عائشة رضي الله تعالى عنها: أدركت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس.
وأورد على هذا أن الحجاج خرّب الكعبة بضرب المنجنيق ولم يصبه شيء؟.
ويجاب بأن الحجاج لم يجىء لهدم الكعبة ولا لتخريبها ولم يقصد ذلك، وإنما قصد التضييق على عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما ليسلم نفسه، وهذا أولى من جواب المواهب كما لا يخفى، والله أعلم.
وكان مولده صلى الله عليه وسلم بمكة في الدار التي صارت تدعى لمحمد بن يوسف أخي الحجاج: أي وكانت قبل ذلك لعقيل بن أبي طالب، ولم تزل بيد أولاده بعد وفاته إلى أن باعوها لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بمائة ألف دينار قاله الفاكهي: أي فأدخلها في داره وسماها البيضاء: أي لأنها بنيت بالجص ثم طليت به، فكانت كلها بيضاء، وصارت تعرف بدار ابن يوسف، لكن سيأتي في فتح مكة أنه قيل له صلى الله عليه وسلم «يا رسول الله تنزل في الدور؟ قال: هل ترك لنا عقيل من رباع أو دور» فإن هذا السياق يدل على أن عقيلا باع تلك الدار فلم يبق بيده ولا بيد أولاده بعده. إلا أن يقال المراد باع ما عدا هذه الدار التي هي مولده صلى الله عليه وسلم: أي لأنه كما سيأتي في الفتح باع دار أبيه أبي طالب، لأنه وطالبا أخاه ورثا أبا طالب، لأنهما كانا كافرين عند موت أبي طالب، دون جعفر وعلي رضي الله تعالى عنهما فإنهما كانا مسلمين، وعقيل أسلم بعد دون طالب، فإن طالبا اختطفته الجن ولم يعلم به، وإن عقيلا باع دار رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي دار خديجة: أي التي يقال لها مولد فاطمة رضي الله تعالى