عنها، وهي الآن مسجد يصلى فيه، بناه معاوية رضي الله تعالى عنه أيام خلافته. قيل وهو أفضل موضع بمكة بعد المسجد الحرام: أي واشتهر بمولد فاطمة رضي الله تعالى عنها لشرفها، وإلا فهو مولد بقية إخوتها من خديجة، ولعل معاوية رضي الله تعالى عنه اشترى تلك الدار ممن اشتراها من عقيل.
ويدل لما قلناه قول بعضهم: لم يتعرض صلى الله عليه وسلم عند فتح مكة لتلك الدار التي أبقاها في يد عقيل: أي التي هي دار خديجة، فإنه لم يزل بها صلى الله عليه وسلم حتى هاجر فأخذها عقيل.
وفي كلام بعضهم: لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة ضرب مخيمه بالحجون، فقيل له:
ألا تنزل منزلك من الشعب فقال «وهل ترك لنا عقيل منزلا» وكان عقيل قد باع منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنازل إخوته حين هاجروا من مكة، ومنزل كل من هاجر من بني هاشم.
وفي كلام بعضهم: كان عقيل تخلف عنهم في الإسلام والهجرة، فإنه أسلم عام الحديبية التي هي السنة السادسة وباع دورهم، فلم يرجع النبي صلى الله عليه وسلم في شيء منها، وهي أي تلك الدار التي ولد بها صلى الله عليه وسلم عند الصفا، قد بنتها زبيدة زوجة الرشيد أم الأمين مسجدا لما حجّت.
وفي كلام ابن دحية أن الخيزران أم هارون الرشيد لما حجت أخرجت تلك الدار من دار ابن يوسف وجعلتها مسجدا. ويجوز أن تكون زبيدة جددت ذلك المسجد الذي بنته الخيزران فنسب لكل منهما، وسيأتي أن الخيزران بنت دار الأرقم مسجدا، وهي عند الصفا أيضا، ولعل الأمر التبس على بعض الرواة لأن كلا منهما عند الصفا. وقيل ولد صلى الله عليه وسلم في شعب بني هاشم.
أقول: قد يقال لا مخالفة، لأنه يجوز أن تكون تلك الدار من شعب بني هاشم، ثم رأيت التصريح بذلك. ولا ينافيه ما تقدم في الكلام على الحمل من أن شعب أبي طالب وهو من جملة بني هاشم كان عند الحجون، لأنه يجوز أن يكون أبو طالب انفرد عنهم بذلك الشعب، والله أعلم.
قال: وقيل ولد صلى الله عليه وسلم في الردم: أي ردم بني جمح، وهم بطن من قريش، ونسب لبني جمح لأنه ردم على من قتلوا في الجاهلية من بني الحارث، فقد وقع بين بني جمح وبين بني الحارث في الجاهلية مقتلة، وكان الظفر فيها لبني جمح على بني الحارث فقتلوا منهم جمعا كثيرا، وردم على تلك القتلى بذلك المحل. وقيل ولد بعسفان انتهى.
أقول: مما يردّ القول بكونه ولد بعسفان ما ذكره بعض فقهائنا، أن من جملة ما يجب على الولي أن يعلم موليه إذا ميز أنه صلى الله عليه وسلم ولد بمكة ودفن بالمدينة، إلا أن يقال