ذاك بناء على ما هو الأصح عندهم. والردم: هو المحل الذي كانت ترى منه الكعبة قبل الآن، ويقال له الآن المدعي، لأنه يؤتى فيه بالدعاء الذي يقال عند رؤية الكعبة، ولم أقف على أنه صلى الله عليه وسلم وقف به، ولعله لم يكن مرتفعا في زمنه صلى الله عليه وسلم عليه السلام، لأنه إنما رفعه وبناه سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه في خلافته، لما جاء السيل العظيم الذي يقال له سيل أم نهشل، وهي بنت عبيدة بن سعيد بن العاص، فإنه أخذها وألقاها أسفل مكة فوجدت هناك ميتة، ونقل المقام إلى أن ألقاه بأسفل مكة أيضا فجيء به وجعل عند الكعبة، وكوتب عمر رضي الله عنه بذلك فحضر وهو فزع مرعوب، ودخل مكة معتمرا فوجد محل المقام دثر، وصار لا يعرف، فهاله ذلك ثم قال: أنشد الله عبدا عنده علم من محل هذا المقام، فقال المطلب بن رفاعة رضي الله تعالى عنه: أنا يا أمير المؤمنين عندي علم بذلك، فقد كنت أخشى عليه مثل ذلك، فأخذت قدره من موضعه إلى باب الحجر، ومن موضعه إلى زمزم بحفاظ، فقال له اجلس عندي وأرسل، فأرسل فجيء بذلك الحفاظ فقيس به ووضع المقام بمحله الآن، وأحكم ذلك واستمر إلى الآن. فعند ذلك بني هذا المحل الذي يقال له الردم بالصخرات العظيمة ورفعه فصار لا يعلوه السيل، وصارت الكعبة تشاهد منه، والآن قد حالت الأبنية فصارت لا ترى، ومع ذلك لا بأس بالوقوف عنده والدعاء فيه تبركا بمن سلف، ولعل هذا محمل قول من قال: أول من نقل المقام إلى محله.
وكان ملصقا بالكعبة- عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فلا ينافي أن الناقل له هو صلى الله عليه وسلم كما سيأتي، لكن رأيت ابن كثير قال: وقد كان هذا الحجر أي الذي هو المقام ملصقا بباب الكعبة على ما كان عليه من قديم الزمان إلى أيام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فأخره عنه لئلا يشغل المصلين عنده الطائفون بالبيت هذا كلامه.
وقوله من قديم الزمان ظاهره من عهد إبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام فليتأمل.
وعن كعب الأحبار: إني أجد في التوراة: عبدي أحمد المختار، مولده بمكة:
أي وهو ظاهر في أن كعب الأحبار كان قبل الإسلام على دين اليهودية.
قال وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه عن أمه الشفاء: أي بكسر الشين المعجمة وتخفيف الفاء، وقيل بفتحها وتشديد الفاء مقصورا قالت: لما ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع على يدي: أي فهي دايته صلى الله عليه وسلم. ووقع في كلام ابن دحية أن أم أيمن دايته صلى الله عليه وسلم.
وقد يقال إطلاق الداية على أم أيمن، لأنها قامت بخدمته صلى الله عليه وسلم، ومن ثم قيل لها حاضنته، وللشفاء قابلته.