للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما خلعوا يزيد بن معاوية. وكان ذلك سببا لوقعة الحرة ولم تمثل قريش بحنظلة رضي الله عنه لكون والده معهم الذي هو أبو عامر الراهب لعنه الله.

وفي الإمتاع: وجعل أبو قتادة الأنصاري يريد التمثيل من قريش لما رأى من المثلة بالمسلمين، فقال له صلى الله عليه وسلم «يا أبا قتادة إن قريشا أهل أمانة، من بغاهم العواثر أكبه الله تعالى إلى فيه، وعسى إن طالت بك مدة أن تحقر عملك مع أعمالهم وفعالك مع فعالهم. لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله. فقال أبو قتادة:

والله يا رسول الله ما غضبت إلا لله ولرسوله، فقال: صدقت، بئس القوم كانوا لنبيهم» قال: وجاء «أنه صلى الله عليه وسلم همّ أن يدعو عليهم، فنزلت الآية المذكورة أي لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران: الآية ١٢٨] فكف عن الدعاء عليهم» أي وفيه أنها نزلت بعد قوله «اللهم العن فلانا وفلانا» إلى آخر ما تقدم عن بعض الروايات، إلا أن يقال أراد صلى الله عليه وسلم المداومة على الدعاء عليهم. وعن أبي سعيد الساعدي قال: ذهبنا إلى حنظلة رضي الله عنه فإذا رأسه يقطر ماء انتهى.

أي فعلم أنه لا منافاة بين كونه صلى الله عليه وسلم دعا عليهم وبين كونه همّ بالدعاء عليهم، لأنه يجوز أن يكون المراد همّ بتكرير الدعاء عليهم. وفي البخاري ومسلم والنسائي عن جابر رضي الله عنه قال: «قال رجل يوم أحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن قتلت فأين أنا؟

قال في الجنة فألقى تمرات كن في يده فقاتل حتى قتل» قال في طرح التثريب، قال الخطيب: كانت هذه القصة يوم بدر لا يوم أحد، فأشار إلى تضعيف رواية الصحيحين التي فيها يوم أحد، ولا توجيه لذلك، بل التضعيف تفسير هذه بهذه: أي جعلهما قصة واحدة وكل منهما صحيحة وهما قصتان لشخصين. هذا كلامه، وقد تقدّم في غزاة بدر الحوالة على هذه فليتأمل، أي وأقبل رجل من المشركين مقنعا بالحديد يقول أنا ابن عويف فتلقاه رشيد الأنصاري الفارسي فضربه على عاتقه فقطع الدرع وقال خذها وأنا الغلام الفارسي؛ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرى ذلك ويسمعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هلا قلت خذها وأنا الغلام الأنصاري» فعرض لرشيد أخو ذلك المقتول بعد وكأنه كلب وهو يقول: أنا ابن عويف فضربه رشيد على رأسه وعليه المغفر ففلق رأسه وقال: خذها وأنا الغلام الأنصاري، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:

«أحسنت يا أبا عبد الله» وكان يومئذ لا ولد له.

وقتل عمرو بن الجموح رضي الله عنه، وكان أعرج شديد العرج، وكان له بنون أربعة مثل الأسد، يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد. فلما كان يوم أحد أرادوا حبسه وقالوا له: قد عذرك الله، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن بنيّ يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك، فو الله إني أريد أن أطأ بعرجتي هذه الجنة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أنت فقد أعذرك الله فلا جهاد عليك، وقال لبنيه: ما عليكم أن

<<  <  ج: ص:  >  >>