قتلتهما. وأما هؤلاء فقتلهم من لم أره، فقال صدق الله ورسوله» أي ومقاتلة الملائكة عن خصوص عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه لا ينافي مقاتلتهم يوم بدر عن عموم القوم.
وفي الإمتاع، كان قد نزل قبل أن يخرج صلى الله عليه وسلم إلى أحد قوله تعالى أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥)[آل عمران: الآية ١٢٤، ١٢٥] فلم يصبروا وانكشفوا فلم يمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بملك واحد يوم أحد، فليتأمل والله أعلم.
ولما قتل مصعب بن عمير رضي الله عنه وسقط اللواء أخذه ملك في صورة مصعب: أي فإنه لما قطعت يده اليمنى أخذ اللواء بيده اليسرى، أي وهو يقول وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ [آل عمران: الآية ١٤٤] الآية، فلما قطعت جثى على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ [آل عمران: الآية ١٤٤] الآية، ولم تكن هذه الآية نزلت، بل قالها لما سمع قول القائل قتل محمد، وإنما نزلت: أي بعد قوله في ذلك اليوم كما في الدرّ فهو من القرآن الذي نزل على لسان بعض الصحابة ثم قتل، أي وهذا لا ينافي ما تقدم، من أنه قاتل دونه صلى الله عليه وسلم، فقتله ابن قمئة لعنه الله وهو يظنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قتله أبيّ بن خلف لعنه الله، لأنه يجوز أن يكون قتله هو على هذه الكيفية المذكورة.
ثم رأيت في بعض الروايات أن ابن قمئة فعل به هذه الكيفية، أي ثم قتله، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للملك الذي على صورة مصعب، تقدم يا مصعب، فالتفت إليه الملك فقال: لست بمصعب، فعرف صلى الله عليه وسلم أنه ملك أيد به.
وفي رواية أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
أقدم مصعب، قال: يا رسول الله، ألم يقتل مصعب؟ قال: بلى ولكن ملك قام مقامه وتسمى باسمه، أي فلا ينافي ذلك قول الملك له صلى الله عليه وسلم لما قال له تقدم يا مصعب:
لست بمصعب، لأن مراده لست بمصعب الذي هو صاحبكم.
ورأيت في رواية أنه لما سقط اللواء أخذه أبو الروم أخو مصعب، ولم يزل في يده حتى دخل المدينة، فليتأمل، ووجود هذا الملك يخالف ما تقدم عن الإمتاع، من أنه صلى الله عليه وسلم لم يمدّ بملك واحد.
ولما أراد صلى الله عليه وسلم أن يتوجه إلى المدينة ركب فرسه، وخرج المسلمون حوله عامتهم جرحى، أي ومعه أربع عشرة امرأة، فلما كانوا بأصل أحد قال صلى الله عليه وسلم: اصطفوا حتى أثنى عليّ ربي عز وجل، فاصطف الرجال خلفه صفوفا، وخلفهم النساء.
فقال «اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا