للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعادت على قتادة عينا ... فهي حتى مماته النجلاء

أي وأعادت تلك الراحة الشريفة على قتادة بن النعمان رضي الله تعالى عنه عينا له ذهبت، فهي إلى مماته الواسعة: أي الكثيرة النظر.

قال الشيخ ابن حجر الهيتمي: ويجمع بين رواية العين الواحدة ورواية الثنتين.

أي فقد جاء في حديث غريب «أصيبت عيناي فسقطتا على وجنتي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعادهما وبصق فيهما، فعادتا تبرقان» بأن أحد الرواة ظن أن الساقطة واحدة وبعضهم أن الساقط ثنتان، فأخبر كلّ بحسب علمه.

ومن قواعدهم أن زيادة الثقة مقبولة، وبها تترجح رواية إحدى الثنتين، هذا كلامه فليتأمل. وكون ذلك كان يوم أحد هو المشهور. وقيل يوم الخندق.

وقد حكى أبو عمر بن عبد البر أن رجلا من ولد قتادة قدم على عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه؛ فقال له: من الرجل؟ فقال:

أنا ابن الذي سالت على الخد عينه ... فردت بكف المصطفى أحسن الرد

فعادت كما كانت لأول أمرها ... فيا حسن ما عين ويا حسن ما رد

فقال عمر بن عبد العزيز:

تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

فوصله عمر وأحسن جائزته.

ورمى كلثوم بن الحصين بسهم في نحره، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصق عليه فبرأ. وحضرت الملائكة عليهم السلام يوم أحد ولم تقاتل.

قال: ويؤيده قول مجاهد رحمه الله: لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر، لكن جاء عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال «رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عنه كأشد القتال؛ وما رأيناهما قبل ولا بعد، أي وهما جبريل وميكائيل عليهما السلام» ولا منافاة، فقد قال البيهقي رحمه الله: لم يقاتلوا يوم أحد عن القوم أي فلا ينافي أنهم قاتلوا عنه صلى الله عليه وسلم خاصة اهـ.

أقول: ويجوز أن يكون المراد بمقاتلتهما دفعهما عنه صلى الله عليه وسلم. وفيه أنه جاء عن الحارث بن الصمة رضي الله تعالى عنه قال «سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الشعب عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه، فقلت: رأيته في جنب الجبل، فقال: الملائكة تقاتل معه. قال الحارث: فرجعت إلى عبد الرحمن، فإذا بين يديه سبعة صرعى فقلت: ظفرت يمينك أكل هؤلاء قتلت؟ قال: أما هذا وهذا فأنا

<<  <  ج: ص:  >  >>