للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال «لما قتل أبي جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه، فجعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينهوني والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينهني، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تبكيه أو لا تبكيه، ما زالت الملائكة عليهم السلام مظلة له بأجنحتها حتى رفع» أي وسيأتي أن جابرا رضي الله عنه لم يحضر القتال.

وعن بشير ابن عفراء رضي الله عنهما قال «أصيب أبي يوم أحد، فمرّ بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: أما ترضى أن تكون عائشة أمك، وأكون أنا أباك» .

ومرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار قد أصيب زوجها وأخوها وأبوها وفي رواية: «وابنها يوم أحد، فلما نعوا لها، قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي ما فعل به، قالوا: خيرا يا أم فلان، وهو بحمد الله كما تحبين. قالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فلما رأته صلى الله عليه وسلم قالت: كل مصيبة بعدك جلل تريد صغيرة. والجلل كما يقال للشيء الصغير يقال للشيء الكبير، فهو من الأضداد. وفي لفظ «أنها مرت بأخيها وأبيها وزوجها وابنها صرعى. وصارت كلما سألت عن واحد وقالت من هذا قيل لها هذا أخوك وابنك وزوجك وأبوك، فلم تكترث بذلك، بل صارت تقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: أمامك حتى جاءته أخذت بناحية ثوبه، ثم جعلت تقول:

بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذ سلمت من عطب» .

وأصيبت يوم أحد عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنته. أي فأرادوا قطعها، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «لا فدعاه فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده» أي أخذها بيده الشريفة «وردها إلى موضعها» أي براحته الشريفة «وقال: اللهم اكسه جمالا فكانت أحسن عينيه وأحدّهما نظرا؛ وكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى» .

أي وجاء في قتادة رضي الله عنه أنه قال «كنت يوم أحد أتقي السهام بوجهي عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان آخرها سهما ندرت منه حدقتي، فأخذتها» أي رفعتها «بيدي أي وقلت: يا رسول الله إن لي امرأة أحبها وأخشى أن تراني تقذرني أي وقال له صلى الله عليه وسلم إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت رددتها ودعوت الله تعالى لك، فقال: يا رسول الله إن الجنة لجزاء جزيل، وعطاء جليل، وإني مغرم بحب النساء. وأخاف أن يقلن أعور فلا يردنني، ولكن تردها وتسأل الله تعالى لي الجنة فردها ودعا لي بالجنة» .

وجاء عن قتادة رضي الله عنه «أنه صلى الله عليه وسلم لما رآها في كفي» أي مرفوعة دمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم ق قتادة كما وقى وجه نبيك بوجهه، فاجعلها أحسن عينيه وأحدّهما نظرا، أي بعد أن ردها إلى موضعها براحته الشريفة» كما تقدم، وإلى ذلك أشار صاحب الهمزية بقوله في وصف راحته الشريفة:

<<  <  ج: ص:  >  >>