للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم فقال: يا طلحة أين ترى القوم، فقلت: بالسفالة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك الذي ظننت، أما إنهم يا طلحة لن ينالوا منا مثلها حتى يفتح الله مكة علينا. وقال صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه «يا بن الخطاب: إن قريشا لن ينالوا منا مثل هذا حتى نستلم الركن» اهـ.

وكان دليله صلى الله عليه وسلم في السير ثابت بن الضحاك، وليس هو أخا جبير، وقيل أخوه، ولا زالوا سائرين حتى عسكروا بحمراء الأسد: أي وهو محل بينه وبين المدينة ثمانية أميال، أي وقيل عشرة أميال.

وعن رجل من الأنصار قال «شهدت أحدا أنا وأخي، فرجعنا جريحين، فلما أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو، فقال لي أخي: أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم» وفي لفظ «إن تركنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لفسق والله ما لنا من دابة نركبها، فخرجنا وكنت أيسر جراحا منه، فكنت إذا غلب حملته عقبه ويمشي عقبة حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون من حمراء الأسد، أي وذلك عند العشاء وهم يوقدون النيران، فجاءتهما الحرس وكان على حرسه تلك الليلة عباد بن بشر مع طائفة، فلما أتي بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما ما حبسكما؟ فأخبراه بغلبتهما فدعا لهما بخير وقال لهما: إن طالت بكما مدة كانت لكما مراكب من خيل وبغال وإبل وذلك ليس بخير لكم» أي هذان الرجلان عبد الله ورافع ابنا سهيل بن رافع والذي ضعف عن المشي رافع، والحامل له عبد الله.

وأقام المسلمون بذلك المحل ثلاث ليال، وكانوا يوقدون في كل ليلة من تلك الليالي خمسمائة نار حتى ترى من المكان البعيد. وذهب صوت معسكرهم ونيرانهم في كل وجه، فكبت الله تعالى عدوّهم. قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: وكان عامة زادنا التمر.

وحمل سعد بن عبادة رضي الله عنه ثلاثين بعيرا حتى وافت حمراء الأسد وساق جزرا لتنحر، فنحروا في يوم اثنين وفي يوم ثلاثاء. ولقي كفار قريش معبدا الخزاعي، وكان يومئذ مشركا بالروحاء، وكان رأى خروجه صلى الله عليه وسلم خلف قريش، فأخبرهم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلبهم، وقد كانوا أرادوا الرجوع إلى المدينة فكسرهم خروجه فتمادوا إلى مكة. قال: لما كان صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد لقيه معبد الخزاعي وكانت خزاعة مسلمهم وكافرهم تحبه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد والله لقد عزّ علينا ما أصابك في نفسك وما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله تعالى أعلى كعبك، وأن المصيبة كانت لغيرك. ثم مضى معبد حتى كان بالروحاء. فلما رأى أبو سفيان معبدا قال: هذا معبد وعنده الخبر، ما وراءك يا معبد؟ قال: تركت محمدا وأصحابه قد خرجوا لطلبكم في جمع لم أر مثله قط، يتحرقون عليكم تحرقا، قد

<<  <  ج: ص:  >  >>