به إلى معاوية، فكان أول رأس نقل في الإسلام من بلد إلى بلد.
قال بعضهم في معنى هذا المثل: أي لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين: إنه ينبغي للمرء أن يستعمل الحزم، وهذا المثل لم يسمع من غيره صلى الله عليه وسلم. ومورده أن شخصا جرد سيفه وقصد النبي صلى الله عليه وسلم فضربه ليقتله فاخطأت الضربة، فقال: كنت مازحا يا محمد فعفا عنه، ثم عاد لمثل ذلك مرة أخرى وقال مثل ذلك، فأمر صلى الله عليه وسلم بقتله وقال «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» .
وأمر صلى الله عليه وسلم في ذلك المحل بقتل معاوية بن المغيرة بن أبي العاص وهو جد عبد الملك بن مروان لأمه، وقد كان لجأ إلى ابن عمه عثمان بن عفان رضي الله عنه: أي فإنه لما رجع الكفار من أحد ذهب على وجهه ثم أتى باب عثمان فدقه، فقالت أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم زوج عثمان من أنت؟ قال: ابن عم عثمان، فقالت:
ليس هو هاهنا، فقال: أرسلي إليه. فله عندي ثمن بعير كنت اشتريته منه، فجاء عثمان، فلما نظر إليه قال: أهلكتني وأهلكت نفسك، فقال: يا بن عم لم يكن أحد أمس بي رحما منك فأجرني، فأدخله عثمان رضي الله عنه منزله وصيره في ناحية، ثم خرج عثمان ليأخذ له أمانا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن معاوية بالمدينة فاطلبوه، فدخلوا منزل عثمان، فأشارت إليهم أم كلثوم رضي الله عنها بأنه في ذلك المكان، فأخرجوه وأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بقتله، فقال عثمان رضي الله عنه: والذي بعثك بالحق ما جئت إلا لآخذ له أمانا، فهبه لي، فوهبه له وأجله ثلاثا، وأقسم صلى الله عليه وسلم إن وجده بعدها قتله.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد، فأقام معاوية ثلاثا يستعلم أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتي بها قريشا، فلما كان في اليوم الرابع عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فخرج معاوية هاربا، فأدركه زيد بن حارثة وعمار بن ياسر رضي الله عنهما، فرمياه حتى قتلاه، وقد كان صلى الله عليه وسلم بعثهما إليه وقال لهما إنكما ستجدانه بموضع كذا وكذا: أي بموضع بينه وبين المدينة ثمانية أميال، فوجداه به فقاتلاه. وقيل تبعه علي كرم الله وجهه فقتله، وكان صلى الله عليه وسلم بعث ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم، فلحق اثنان منهم للقوم بحمراء الأسد فقتلوهما فوجدهما صلى الله عليه وسلم قتيلين بحمراء الأسد فدفنهما في قبر واحد. ولا يأتي هنا الجواب المتقدم في قتلى أحد.
وجاءه صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام بعد رجوعه إلى المدينة، بأن الحارث بن سويد في قباء فانهض إليه واقتص منه بمن قتله من المسلمين غدرا يوم أحد وهو المجذّر، وتقدم أنه بالذال المعجمة مشددة مفتوحة ابن زياد، وتقدم أنه بكسر الذال المعجمة وفتحها وتخفيف المثناة تحت، لأن سويدا كان قد قتل زيادا أبا المجذر، في الجاهلية، فظفر المجذر بسويد والد الحارث فقتله في أبيه وذلك قبل الإسلام، وكان