وقد رأيت أن علي بن عبد الله بن عباس وهو جد الخليفتين السفاح والمنصور أول خلفاء بني العباس أبو أبيهما محمد كان مفرطا في الطول، كان إذا طاف كأن الناس حوله وهو راكب، وكان مع هذا الطول إلى منكب أبيه عبد الله بن عباس، وكان عبد الله بن عباس إلى منكب أبيه العباس، وكان العباس إلى منكب أبيه عبد المطلب.
لكن ابن الجوزي اقتصر في ذكر الطوال على عمر بن الخطاب، والزبير بن العوام، وقيس بن سعد، وحبيب بن سلمة، وعلي بن عبد الله بن العباس. وسكت عن عبد الله بن عباس، وعن أبيه العباس، وعن أبيه عبد المطلب.
وفي المواهب أن العباس كان معتدلا، وقيل كان طوالا. ورأيت أن عليا هذا جد الخلفاء العباسيين كان على غاية من العبادة والزهادة والعلم والعمل وحسن الشكل، حتى قيل: إنه كان أجمل شريف على وجه الأرض، وكان يصلي في كل ليلة ألف ركعة ولذلك كان يدعى السجاد، وأن سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه هو الذي سماه عليا وكناه أبا الحسن.
فقد روي أن عليا رضي الله تعالى عنه افتقد عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما في وقت صلاة الظهر، فقال لأصحابه ما بال أبي العباس يعني عبد الله لم يحضر؟ فقالوا ولد له مولود، فلما صلى عليّ كرم الله وجهه قال امضوا بنا إليه، فأتاه فهنأه، فقال: شكرت الواهب، وبورك لك في الموهوب. زاد بعضهم. ورزقت بره، وبلغ أشده، ما سميته؟ قال: أو يجوز لي أن أسميه حتى تسميه؟ فأمر به فأخرج إليه فأخذه فحنكه، ودعا له ثم رده إليه وقال: خذ إليك أبا الأملاك، قد سميته عليا، وكنيته أبا الحسن، فلما ولى معاوية الخلافة قال لابن عباس: ليس لكم اسمه ولا كنيته يعني علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كراهة في ذلك، وقد كنيته أبا محمد فجرت عليه.
وقد يخالف ذلك ما ذكر بعضهم أن عليا المذكور لما قدم على عبد الملك بن مروان قال له غير اسمك أو كنيتك، فلا صبر لي على اسمك وهو عليّ وكنيتك وهي أبو الحسن، قال: أما الاسم فلا أغيره. وأما الكنية فأكتني بأبي محمد، وإنما قال عبد الملك ذلك كراهة في اسم علي بن أبي طالب وكنيته.
وعليّ هذا دخل هو وولدا ولده محمد وهما السفاح والمنصور وهما صغيران يوما على هشام بن عبد الملك بن مروان وهو خليفة، فأكرمه هشام، فصار يوصيه عليهما ويقول له: سيليان هذا الأمر يعني الخلافة، فصار هشام يتعجب من سلامة باطنه وينسبه في ذلك إلى الحمق. ويقال إن الوليد بن عبد الملك: أي لما ولي الخلافة وبلغه عنه أنه يقول ذلك ضربه بالسياط على قوله المذكور، وأركبه بعيرا،