للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقتل في ذلك اليوم كما سيأتي.

وما هنا هو الصحيح خلافا لما يأتي عن الأصل في فتح مكة أن قتل أخيه كان في غزوة ذي قرد ثم بعد انقضاء الحرب وهم على الماء اختصم أجير لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أي كان يقود له فرسه يقال له جهجاه رضي الله عنه مع رجل من حلفاء الخزرج، قيل حليف عمرو بن عمرو، وقيل حليف عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وهو سنان بن فروة رضي الله عنه، أي فضرب أجير عمر رضي الله عنه حليف الخزرج فسال الدم، وفي لفظ: كسعه، أي دفعه، فنادى حليف الخزرج؛ يا معشر الأنصار، أي وقيل قال: يا للخزرج، ونادى أجير عمر يا معشر المهاجرين، وقيل قال: يا لكنانة يا لقريش، فأقبل جمع من الجيشين، وشهروا السلاح حتى كاد أن تكون فتنة عظيمة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال دعوى الجاهلية؟ فأخبر بالحال. أي فقالوا رجل من المهاجرين ضرب رجلا من الأنصار. فقال صلى الله عليه وسلم: دعوها، أي تلك الكلمة التي هي يا لفلان فإنها منتنة، أي مذمومة لأنها من دعوى الجاهلية، وجاء «من دعا دعوى الجاهلية كان من محشي جهنم» أي مما يرمى به فيها «قيل: يا رسول الله وإن صام وإن صلى وزعم أنه مسلم، قال: وإن صام وإن صلى وزعم أنه مسلم» وقال صلى الله عليه وسلم «لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه فإنه ناصر، أي له، وإن كان مظلوما فلينصره» أي يزيل ظلامته، ثم كلموا ذلك المضروب فترك حقه، فسكنت الفتنة وانطفت ثائرة الحرب.

وجهجاه هذا روى عنه عطاء بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معى واحد» وهو المراد بهذا الحديث في كفره وإسلامه، لأنه شرب حلاب سبع شياه قبل أن يسلم ثم أسلم، فلم يستتم حلاب شاة واحدة، أي وسيأتي نظير ذلك لثمامة الحنفي.

ونقل أبو عبيد أن الرجل الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المقالة هو أبو بصرة الغفاري، أي ولا مانع أن يكون صلى الله عليه وسلم قال ذلك في حق الرجل المذكور أيضا، فقد تكرر منه صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات لرجال ثلاثة أكل كل واحد منهم في الكفر أكثر مما أكل في الإسلام.

قال ابن عبد البر رحمه الله: وجهجاه هذا هو الذي تناول عصا رسول الله صلى الله عليه وسلم من يد عثمان رضي الله عنه وهو يخطب فكسرها على ركبته، فأخذته أكلة في ركبته فمات منها، هذا كلامه.

وفي كلام السهيلي رحمه الله أنه انتزع تلك العصا من عثمان حين أخرج من المسجد ومنع من الصلاة فيه؛ وكان هو أحد المعينين عليه هذا كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>