للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يقال: لا مخالفة بين كونه أخذ العصا منه وهو يخطب وبين كونه أخذها حين أخرج من المسجد، لأنه يجوز أن يكون أخرج من المسجد في أثناء الخطبة وأخذت العصا منه حينئذ.

وعند تخاصم الرجلين غضب عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وكان عنده رهط من قومه من الخزرج من المنافقين، وكان عندهم زيد بن أرقم رضي الله تعالى عنه وهو غلام حديث السن، فقال عبد الله بن أبيّ لعنه الله: والله ما رأيت كاليوم مذلة، أو قد فعلوها؟ نافرونا، أي غلبونا وكاثرونا في بلادنا، أي وأنكرونا ملتنا، والله ما أعدّنا:

أي أظننا يعني معاشر الأنصار وقريش. وفي رواية: وجلابيب قريش، هؤلاء يعني معاشر المهاجرين إلا كما قال الأول، أي الأقدمون في أمثالهم: سمن كلبك يأكلك، أي ويقولون: أجع كلبك يتبعك، والله لقد ظننت أني سأموت قبل أن أسمع هاتفا يهتف بما سمعت أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، يعني بالأعز نفسه، وبالأذل النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي الاستيعاب أن عبد الله بن أبيّ قال ذلك في غزوة تبوك، هذا كلامه، وفيه نظر ظاهر.

والجلابيب: جمع جلبيب ما يجلب من بلد إلى غيره يعني أغراب. وقيل شبهوا بالجلابيب التي هي الأزر الغلاظ القليلة القيمة.

ثم أقبل على من حضر من قومه. فقال هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم، أي ثم لم ترضوا بما فعلتم حتى جعلتم أنفسكم أغراضا للمنايا فقتلتم دونه، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، فأيتمتم أولادكم، وقللتم وكثروا، فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من عند محمد صلى الله عليه وسلم، فسمع ذلك زيد بن أرقم رضي الله عنه على ما هو الصحيح، وقيل سفيان بن تيم، فمشى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أي ونفر من المهاجرين والأنصار.

وفي البخاري عن زيد بن أرقم رضي الله عنه «فذكرت ذلك لعمي أو لعمر، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فدعاني فحدثته، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وتغير وجهه، وقال له:

يا غلام لعلك غضبت عليه، قال: والله يا رسول الله لقد سمعته منه، قال: لعله أخطأ سمعك، ولامه من حضر من الأنصار، وقالوا: عمدت إلى سيد قومك تقول عليه ما لم يقل» .

أي وفي البخاري «فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأصابني همّ لم يصبني مثله قط، وجلست في البيت» أي الخباء «فقال لي عمي: ما أردت إلا أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>