ومقتك، فقال زيد: والله لقد سمعت ما قال، ولو سمعت هذه المقالة من أبي لنقلتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لأرجو أن ينزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ما يصدق حديثي» .
أي وقيل إن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال لابن أبيّ لما قال أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل: أنت والله الذليل المنقص في قومك:
ومحمد صلى الله عليه وسلم في عز من الرحمن وقوة من المسلمين، فقال له ابن أبيّ لعنه الله:
اسكت، فإنما كنت ألعب، فعند تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذنه عمر رضي الله عنه في أن يقتل ابن أبي، والتمس منه أن يأمر غيره بقتله إذا لم يأذن له في ذلك.
أي فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان من أمر ابن أبيّ ما كان، جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فيء شجرة: أي ظلها، عنده غليم أسود يغمز ظهره أي يكبسه. فقلت يا رسول الله كأنك تشتكي ظهرك: فقال تقحمت بي الناقة: أي ألقتني الليلة، فقلت يا رسول الله ائذن لي أن أضرب عنق ابن أبيّ، أو مر محمد بن مسلمة بقتله. أي وفي رواية مر به عباد بن بشر فليقتله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يا عمر إذا تحدث الناس بأن محمدا يقتل أصحابه.
وفي لفظ أن عمر رضي الله عنه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كرهت أن يقتله مهاجري فأمر به أنصاريا؛ فقال: ترعد له أذن وأنف كثيرة بيثرب يعني المدينة، ولعل تسميته صلى الله عليه وسلم لها بذلك إن كان بعد النهي لبيان الجواز.
ويبعد أن يكون ذلك كان قبل النهي عن ذلك ولكن أذن بالرحيل، وكان ذلك في ساعة لم يكن يرتحل فيها.
أي وفي رواية: لما شاع الخبر ولم يكن للناس حديث في ذلك اليوم. أي الوقت إلا ذلك، أذن بالرحيل، وكانت ساعة لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحل فيها، أي لشدة الحر، فارتحل الناس وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه أسيد بن حضير رضي الله عنه فحياه بتحية النبوّة وسلم عليه، أي قال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وقال: يا نبي الله لقد رحلت في ساعة منكرة ما كنت تروح في مثلها، أي فإنه صلى الله عليه وسلم كان لا يرحل إلا إن برد الوقت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما بلغك ما قال صاحبكم، فقال: أي صاحب يا رسول الله؟ قال عبد الله بن أبي ابن سلول، قال وما قال؟ قال:
زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعز منها الأذل، قال: فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت، هو والله الذليل وأنت العزيز، ثم قال: يا رسول الله أرفق به فو الله لقد جاء الله بك. وفي رواية لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه، ما بقيت عليهم إلا خرزة واحدة عند يوشع اليهودي، فإنه ليرى أنك استلبته ملكا، وقد تقدم الاعتذار عنه بذلك في غير ما مرة.