للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول في الإمتاع: أنه صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة تسابق مع عائشة رضي الله عنها فتحزمت بقبائها، وفعل كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استبقا فسبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها: هذه بتلك التي كنت سبقتني، يشير صلى الله عليه وسلم إلى أن جاء إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه فوجد مع عائشة شيئا فطلبه منها فأبت وسعت، وسعى صلى الله عليه وسلم خلفها فسبقته.

هذا. وفي كلام ابن الجوزي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت «خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم، فقال للناس: تقدموا فتقدموا. ثم قال: تعالى حتى أسابقك، فسابقته فسبقته، فسكت عني حتى حملت اللحم وخرجت معه في سفرة أخرى. فقال للناس: تقدموا، فتقدموا. ثم قال لي تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقني فجعل يضحك وهو يقول: هذه بتلك» فليتأمل.

قال: ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي العقيق تقدّم عبد الله رضي الله عنه ابن عبد الله بن أبيّ ابن سلول وجعل يتصفح الركاب حتى مرّ أبوه، فأناخ به ثم وطىء على يد راحلته، فقال أبوه ما تريد يا لكع، فقال: والله لا تدخل حتى تقرّ أنك الذليل وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز، حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتعلم أيضا الأعز من الأذل، أنت أو رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فصار يقول لأنا أزل من الصبيان، لأنا أزل من النساء، حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلّ عن أبيك، فخلى عنه.

أي وفي لفظ أنه لما جاء قال له ابنه: وراءك قال: ما لك ويلك قال: والله لا تدخلها يعني المدينة حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعلم اليوم من الأعز من الأذل:

وفي لفظ: حتى تقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعز وأنت الأذل، فقال له: أنت من بين الناس، فقال: نعم أنا من بين الناس، وانصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وشكا له ما صنع ابنه رضي الله عنه، فأرسل صلى الله عليه وسلم إلى ابنه أن خلّ عنه. وفي لفظ قال له ابنه رضي الله عنه:

لئن لم تقرّ لله ولرسوله بالعزة لأضربن عنقك، فقال: ويحك أفاعل أنت؟ قال نعم، ولما رأى منه الجد قال: أشهد أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنه: جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيرا.

وأنزل الله تعالى سورة المنافقين. قال زيد بن أرقم رضي الله عنه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخذه البرحاء، ويعرق جبينه الشريف، وتثقل يدا راحلته، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه، ورجوت أن ينزل الله تصديقي. فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بأذني وأنا على راحلتي يرفعها إلى السماء حتى ارتفعت عن مقعدي وهو يقول: وعت أذنك يا غلام، وصدق الله حديثك، وكذب المنافقين.

وفي رواية «هذا الذي أوفى الله بأذنه، ونزل وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

[الحاقّة: الآية ١٢] فكان يقال لزيد بن أرقم رضي الله عنه ذو الأذن الواعية» .

وذكر بعض الرافضة أن قوله تعالى وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

[الحاقّة: الآية ١٢] جاء في

<<  <  ج: ص:  >  >>