للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحديث الذي أخرجه مسلم «إن ريحا عظيمة هبت فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنها هبت لموت منافق عظيم النفاق» وهو رفاعة بن التابوت، فهو آخر غير هذا. فقد جاء من وجه آخر «رافع بن التابوت» أي فذكر رفاعة بدل رافع من تصرف بعض الرواة.

وذكر في الإصابة أن رفاعة بن زيد عم قتادة بن النعمان رضي الله عنه لم يوصف بأنه ابن التابوت كما ذكره ابن الجوزي، أي فوصفه بابن التابوت من تصرف بعض الرواة، فليتأمل والله أعلم.

وعن جابر رضي الله عنه قال «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فهاجت ريح منتنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن ناسا من المنافقين اغتابوا ناسا من المؤمنين فلذلك هاجت هذه الريح» ولم يعين جابر السفرة، فيحتمل أن تكون هي هذه الغزوة وهو ظاهر سياقها فيها.

ويحتمل أن تكون غيرها، وفقدت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء من بين الإبل:

أي ليلا. فجعل المسلمون يطلبونها من كل وجه، فقال زيد بن الصلت وكانت منافقا كما علمت من بني قينقاع وكان بمجمع من الأنصار: أي يذهب هؤلاء في كل وجه، قالوا يطلبون ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضلت، قال: أفلا يخبره الله بمكانها، أي وفي لفظ: كيف يدعي أنه يعلم الغيب ولا يعلم مكان ناقته ولا يخبره الذي يأتيه بالوحي، فأنكر عليه القوم؛ وقالوا قاتلك الله يا عدوّ الله نافقت، وأرادوا قتله فعمد هاربا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متعوذا به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم- وذلك الرجل يسمع: إن رجلا من المنافقين شمت أن ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ألا يخبره الله بمكانها، والله قد أخبرني بمكانها، ولا يعلم الغيب إلا الله، وإنها في الشعب مقابلكم، قد مسك زمامها بشجرة، فاعمدوا نحوها، فذهبوا فأتوا بها من حيث قال صلى الله عليه وسلم، فقام ذلك الرجل سريعا إلى رفقائه، فقالوا له حين دنا لا تدن منا، فقال لهم: أنشدكم الله، هل أتى أحد منكم محمدا فأخبره خبري، قالوا: لا والله، ولا قمنا من مجلسنا، فقال:

إني وجدت ما تكلمت به عنده، فأشهد أن محمدا رسول الله كأني لم أسلم إلا اليوم فقالوا له: فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك، فذهب إليه واعترف بذنبه واستغفر له، قال: ويقال إنه لم يزل فشلا أي جبانا حتى مات ووقع مثل هذا أي هبوب الريح وإضلال ناقته صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك.

وأوقع صلى الله عليه وسلم السباق بين الإبل، فسابق بلال رضي الله عنه على ناقته صلى الله عليه وسلم القصواء فسبقت غيرها من الإبل، وسابق أبو سعيد الساعدي رضي الله عنه على فرسه صلى الله عليه وسلم الذي يقال له الظرب فسبق غيره من الخيل اهـ.

أي وجاء أن ناقته صلى الله عليه وسلم العضباء كانت لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين، فقال صلى الله عليه وسلم «حقّ على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه» اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>