للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى الدارقطني مسندا «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على جماعة فيهم عبد الله بن أبي، فسلم عليهم ثم ولى، فقال عبد الله: لقد عثا ابن أبي كبشة في هذه البلاد، فسمعها ابنه عبد الله، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يأتيه برأس أبيه، فقال لا ولكن بر أباك، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بقرب المدينة هاجت ريح شديدة تخوفوها كادت تدفن الراكب» أي خافوا أن تكون لأمر حدث بالمدينة على أهلهم، فإن مدة الموادعة التي كانت بينه صلى الله عليه وسلم وبين عيينة بن حصن كان ذلك حين انقضائها، فخافوا على المدينة منه «فقال صلى الله عليه وسلم: ليس عليكم منه» يعني من عيينة بن حصن «بأس، ما بالمدينة من نقب» أي باب «إلا وملك يحرسه، وما كان ليدخلها عدو حتى تأتوها، ولكن تعصف هذه الريح لموت عظيم من الكفار» وفي رواية «لموت منافق» وفي لفظ «مات اليوم منافق عظيم النفاق بالمدينة» فكان كما قال صلى الله عليه وسلم مات في ذلك اليوم زيد بن رفاعة بن التابوت وكان كهفا للمنافقين، كان من عظماء يهود بني قينقاع وكان ممن أسلم ظاهرا، وإلى ذلك أشار الإمام السبكي رحمه الله تعالى في تائيته بقوله:

وقد عصفت ريح فأخبرت أنها ... لموت عظيم في اليهود بطيبة

قال: وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بموته، فقد جاء أن عبادة بن الصامت قال لابن أبي: يا أبا حباب مات خليلك قال: أيّ خليل؟ قال: من موته فتح للإسلام وأهله، قال: من؟ قال: زيد بن رفاعة. قال: واويلاه من أخبرك يا أبا الوليد بموته؟

قال، قلت: رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنه مات هذه الساعة، فحزن حزنا شديدا. انتهى وذكر أهل المدينة أن هذه الريح وجدت بالمدينة، وأنه لما دفن عدوّ الله سكنت.

أقول لكن في كلام ابن الجوزي رفاعة بن زيد بن التابوت، وهو عمّ قتادة بن النعمان، قد ذكر عنه قتادة رضي الله تعالى عنه ما يدل على صحة إسلامه.

أي وقد يقال: جاز أن يكون أظهر ذلك لقتادة ليظن به ما ظنه من صحة إسلامه.

قال ابن الجوزي: ولهم رفاعة بن التابوت معدود في الصحابة ذكره في الإصابة. قال: جاء ذكره في حديث مرسل، كانوا في الجاهلية إذا أحرموا لم يأتوا بيتا من قبل بابه، ولكن من قبل ظهره، إلا الحمس فإنها كانت تأتي البيوت من أبوابها، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا ثم خرج من بابه، فأتبعه رجل يقال له رفاعة بن التابوت ولم يكن من الحمس. فقالوا: يا رسول الله نافق رفاعة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ما حملك على ما صنعت ولم تكن من الحمس؟ قال: فإن ديننا واحد، فنزلت وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها [البقرة: الآية ١٨٩] وسيأتي نحو هذه القصة لقطبة بن عامر ولعلها وقعت لهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>