قال السهيلي: وكان نزول براءة عائشة رضي الله عنها بعد قدومهم المدينة: أي من الغزوة المذكورة لسبع وثلاثين ليلة في قول بعض المفسرين، فمن نسبها رضي الله عنها إلى الزنا كغلاة الرافضة كان كافرا لأن في ذلك تكذيبا للنصوص القرآنية ومكذبها كافر.
وفي حياة الحيوان عن عائشة رضي الله عنها «لما تكلم الناس في الإفك رأيت في منامي فتى فقال لي: ما لك؟ قلت: حزينة مما ذكر الناس فقال: ادعي بهذه يفرج الله عنك. قلت: وما هي؟ قال: قولي: يا سابغ النعم، ويا دافع النقم، ويا فارج الغمم، ويا كاشف الظلم، ويا أعدل من حكم، ويا حسيب من ظلم، ويا أول بلا بداية، ويا آخر بلا نهاية، اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا. قالت: فقلت ذلك فانتبهت وقد أنزل الله فرجي» .
قال بعضهم: برأ الله تعالى أربعة بأربعة. برّأ يوسف عليه السلام بشاهد من أهل زليخة. وبرأ موسى عليه السلام من قول اليهود فيه إن له أدرة بالحجر الذي فرّ بثوبه وبرّأ مريم بإنطاق ولدها. وبرأ عائشة بهذه الآيات.
«وكان أبو بكر رضي الله عنه ينفق على مسطح لقرابته منه أي كما تقدم ولفقره، فحلف لا ينفق عليه، أي فإنه قال: والله لا أنفق على مسطح أبدا ولا أنفعه بنفع أبدا بعد ما قال لعائشة وأدخل علينا» .
وفي لفظ «أخرجه من منزله وقال له: لا وصلتك بدرهم أبدا، ولا عطفت عليك بخير أبدا، فأنزل الله تعالى وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ [النّور: الآية ٢٢] أي الفضيلة والإفضال مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ [النّور: الآية ٢٢] أي في الرزق أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النّور: الآية ٢٢] وعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه: أما تحب أن يغفر الله لك. قال أبو بكر رضي الله عنه: والله إني لأحب أن يغفر لي، فرجع إلى مسطح بالنفقة التي كان ينفق عليه. وقال: والله إني لا أنزعها عنه أبدا» .
وفي معجم الطبراني الكبير والنسائي «أنه أضعف له في النفقة التي كان يعطيه إياها قبل القذف» أي أعطاه ضعف ما كان يعطيه قبل ذلك «أي وكفر عن يمينه» .
وبهذا وبما في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم «من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه» .
استدّل فقهاؤنا على أن الأفضل في حق من حلف على ترك مندوب أو فعل مكروه أن يحنث ويكفر عن يمينه.
وهنا لطيفة، وهي: أن ابن المقري رحمه الله منع عن ولده النفقة تأديبا له على