أمر وقع منه، فكتب إلى والده رحمه الله تعالى هذه الأبيات:
لا تقطعنّ عادة برّ ولا ... تجعل عقاب المرء في رزقه
فإن أمر الإفك من مسطح ... يحط قدر النجم من أفقه
وقد جرى منه الذي قد جرى ... وعوتب الصدّيق في حقه
فكتب إليه والده رحمه الله تعالى هذه الأبيات:
قد يمنع المضطر من ميتة ... إذا عصى بالسير في طرقه
لأنه يقوى على توبة ... تكون إيصالا إلى رزقه
لو لم يتب مسطح من ذنبه ... ما عوتب الصديق في حقه
ووصف الله تعالى الصديق بأولي الفضل موافق لوصفه صلى الله عليه وسلم له بذلك، فقد جاء أن عليا كرّم الله وجهه دخل على النبيّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصدّيق رضي الله عنه جالس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنحى أبو بكر عن مكانه وأجلس عليا كرّم الله وجهه بينه وبين النبيّ صلى الله عليه وسلم، فتهلل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا وسرورا. وقال «لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أولو الفضل» .
وعنها رضي الله عنها «أنها قالت: لما استلبث الوحي عنه صلى الله عليه وسلم» أي أبطأ عليه ولم ينزل «استشار الصحابة، فقال له عمر رضي الله عنه: من زوّجها لك يا رسول الله؟ قال: الله تعالى، قال: أفتظن أن الله دلس عليك فيها؟ سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (١٦)[النور: الآية ١٦] ، فنزلت، ودعا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأسامة بن زيد رضي الله عنهما ليستأمرهما في فراق أهله» أي تعني نفسها «فأما أسامة بن زيد، فقال: أهلك» أي الزم أهلك «يا رسول الله، ولا نعلم إلا خيرا. وأما علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وإنك لتقدر أن تستخلف» وفي لفظ «قد أحل الله لك فطلقها وأنكح غيرها، وإن تسأل الجارية تصدقك» يعني بريرة رضي الله عنها، أي لأنها كانت تخدم عائشة إما قبل شرائها لها أو بعده وقبل عتقها لها كان بعد الفتح «فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك؟ قالت بريرة: والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرا أغمصه» بالغين المعجمة والصاد المهملة بينهما ميم مكسورة: أي أعيبه «عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن وهي الدابة التي تألف البيوت ولا تخرج للمرعى، وهي هنا الشاة «فتأكله» .
وفي لفظ «فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فسألها، فقام إليها عليّ كرم الله وجهه فضربها ضربا شديدا، وجعل يقول لها: أصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول: والله ما أعلم