وقال لها صلى الله عليه وسلم ما أعظم بركة قلادتك، وقال أسيد بن حضير: ما هذا بأول بركتكم يا آل أبي بكر. أي وفي رواية إنه قال لها جزاك الله خيرا، فما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله منه مخرجا وللمسلمين فيه خيرا، أي وهذا ربما يفيد تكرر وقوع ما تكرهه، وأن في ذلك خيرا للمسلمين فليتأمل.
وفي لفظ قال أسيد بن حضير: لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر، ما أنتم إلا بركة لهم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وإنما قال أسيد بن حضير ما قال دون غيره، لأنه كان رأس من بعث في طلب العقد، أي بل تقدم في بعض الروايات الاقتصار على بعثه لطلب ذلك. قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، أي أقمناه من مبركه فوجدنا العقد تحته.
أقول في النور: اعلم أن العقد سقط مرتين: مرة كان لها ومرة كان لأختها أسماء استعارته. وبهذا يجمع بين الأحاديث التي في المسألة، هذا كلامه فليتأمل وينظر تلك الأحاديث، وما هي أي وكون هذا العقد لأسماء أختها لا يخالف ذلك قولها عقدي، لأن الإضافة تأتي لأدنى ملابسة، أي فعقد أسماء كان في المرة الثانية.
وفي البخاري أيضا أن آية التيمم نزلت بعد أن صلوا بلا وضوء.
فعن عائشة رضي الله عنها. «أنها استعارت من أسماء رضي الله عنها قلادة فهلكت: أي ضاعت، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى آية التيمم» . وقد ترجم البخاري عن تلك بقوله باب إذا لم يجد ماء ولا ترابا، وقوله «فبعث رجلا فوجدها» يجوز أن يكون هذا الرجل هو الذي أقام البعير أو من جملة من أقامه، فلا يخالف ما سبق مما يدل أن الذين بعثهم في طلبه لم يجدوه.
ثم رأيت الحافظ ابن حجر رحمه الله قال: وطريق الجمع بين هذه الروايات أن أسيدا كان رأس من بعث لذلك، فلذلك سمي في بعض الروايات دون غيره، ولذا أسند الفعل إلى واحد منهم، وكأنهم لم يجدوا العقد أولا. فلما رجعوا ونزلت آية التيمم، وأرادوا الرحيل وأثاروا البعير وجده أسيد رضي الله عنه هذا كلامه.
قيل وفي هذه الغزوة خرجوا عن الطريق، وأدركهم الليل بقرب واد وعر، فهبط جبريل عليه السلام وأخبره صلى الله عليه وسلم أن طائفة من كفار الجن بهذا الوادي يريدون كيده صلى الله عليه وسلم وإيقاع الشر بأصحابه، فدعا صلى الله عليه وسلم بعلي كرّم الله وجهه وعوذه وأمره بنزول الوادي فقتلهم.
قال الإمام ابن تيمية: وهذا من الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عليّ كرم الله وجهه. قال ابن تيمية: ومن هذا ما روي في عام الحديبية أنه قاتل