على مغفرة ورزق كريم، فغشي عليها من الفرح بذلك، لأنها كانت تقول متحدثة بنعمة الله عليها: لقد أعطيت تسعا ما أعطيتهن امرأة. لقد نزل جبريل عليه السلام بصورتي في راحته حين أمر رسول الله أن يتزوجني. ولقد تزوجني بكرا وما تزوج بكرا غيري. ولقد توفي وإن رأسه في حجري. ولقد قبر في بيتي وإن الوحي ينزل عليه في أهله فيفرقون منه، وإن كان لينزل عليه وأنا معه في لحاف واحد، وأبي رضي الله عنه خليفته وصديقه. ولقد نزلت براءتي من السماء، ولقد خلقت طيبة عن طيب. ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما» .
قيل وفي هذه الغزوة فقدت عائشة رضي الله عنها عقدها أيضا فاحتبسوا على طلبه، أي فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه رجلين من المسلمين أي أحدهما أسيد بن حضير، فحضرت الصلاة أي صلاة الصبح وكانوا على غير ماء. زاد في رواية:
وليس معهم ماء فنزلت آية التيمم. وهذا القيل نقله إمامنا الشافعي رضي الله عنه عن عدة من أهل المغازي. أي وعليه يكون سقط عقدها في تلك الغزوة مرتين لاختلاف القضيتين باختلاف سياقهما.
والصحيح أن ذلك كان في غزوة أخرى أي متأخرة عن هذه الغزوة. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان من أمر عقدي ما كان وقال أهل الإفك ما قالوا، فخرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أخرى فسقط أيضا عقدي حتى حبس التماسه الناس، أي فإنه صلى الله عليه وسلم بعث رجالا في طلبه، وهو لا يخالف ما سبق أنه صلى الله عليه وسلم أرسل في طلبه رجلين، وطلع الفجر، فلقيت من أبي بكر رضي الله عنه ما شاء الله، أي لأن الناس جاؤوا لأبي بكر رضي الله عنه وشكوا إليه ما نزل بهم، فجاء إليها ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه الشريف على فخذها قد نام، فقال لها: حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء، جعل يطعن بيده في خاصرتها ويقول: يا بنية في كل سفرة تكونين عناء وبلاء وليس مع الناس ماء.
قالت: فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي: أي لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا نام لا يوقظه أحد حتى يكون هو يستيقظ، لأنهم لا يدرون ما يحدث له في نومه، فقال حين أصبح. وفي لفظ: فاستيقظ وحضرت الصلاة فالتمس الماء فلم يجد فأنزل الله تعالى الرخصة بالتيمم. وفي لفظ: فأنزل الله تعالى آية التيمم أي التي في المائدة. ففي بعض الروايات فنزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [المائدة: الآية ٦] الآية.
وقيل المراد بالآية آية النساء، لأن آية المائدة تسمى آية الوضوء، وآية النساء لا ذكر للوضوء فيها، فيتجه تسميتها بآية التيمم، وكلام الواحدي رحمه الله في أسباب النزول يدل عليه. فقال أبو بكر عند ذلك: والله يا بنية إنك كما علمت مباركة، أي