قال العسكري: «قال: سمعت الأحنف بن قيس يقول: أتيت المدينة فبينا أنا بها إذ رأيت النّاس يسرعون إلى رجل، فمررت معهم، فإذا أبو ذرّ، فجلست إليه، فقال لي: من أنت؟ قلت: الأحنف، قال: أحنف العراق؟ قلت: نعم، وقال لي: يا أحنف. الوحدة خير من جليس السّوء، أليس كذلك؟ قلت: نعم. قال: والجليس الصالح غير من الوحدة، أكذاك؟ قلت: نعم، قال: وتكلّم بخير خير من أن تسكت، أكذلك؟ قلت: نعم. قال: والسّكوت عن الشّرّ خير من التّكلّم به، أكذلك؟ قلت: نعم، قال: خذ هذا العطاء ما لم يكن ثمنا لدينك، فإذا كان ثمنا لدينك، فإيّاك وإيّاه وقال الشاعر: وحدة العاقل خير ... من جليس السّوء عنده وجليس الصّدق خير ... من جلوس المرء وحده وقيل: جليس السوء كالقين الأصحر، إلّا يحرقك بشرره يؤذك بدخانه» . [٤٢٩]- أمثال أبي عبيد ١٤٨، جمهرة الأمثال ٢/٤١، مجمع الأمثال ٢/١٦، المستقصى ١/٣٣٤، نكتة الأمثال ٨٦. قال العسكري في معنى المثل (ديوانه ١٤٢) : إذا ما استمرّ على هجره ... فخل التّفكّر في أمره هب الموت عاجله بغتة ... وغيّبه القبر في قعره فسيّان من غاب عن أهله ... ومن سكن التّرب في قبره سبيل الجميع إلى فرقة ... فإن أنت لم تدره فادره وحلو الحياة إلى مرّها ... وصفو المعاش إلى كدره [٤٣٠]- مجمع الأمثال ١/٢١٠، المستقصى ١/٣١٢، اللسان (حصن، أيا، حثا) . قال الميداني: «الحصن: العفاف، قيل: كانت لامرأة ابنة فرأتها تحثو التراب على راكب، فقالت لها: ما تصنعين؟ قالت: أريه انّي حصان أتعفّف، وقالت: يا أمّتا أبصرني راكب ... في بلد مستحقر لاحب فعدت أحث التّرب في وجهه ... عنّي وأنفي تهمة العائب فقالت أمّها: الحصن أولى لو تأيّيته ... من حثيك التّرب على الرّاكب فأرسلتها مثلا، وتأيّا، معناه: تعمّد، وكذلك تايا.. يضرب في ترك ما يشوبه ريبة، وإن كان حسن الظّاهر» .