للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرح جامّ [١] ، في قباء طاق [٢] ، فما رأيت مثله أشدّ ولا أفرس.

ومن العرجان الأشراف السادة، ومن [٣] قدّمته العشائر طوعا، ورأّسته الخلفاء اختيارا، وتحفّظ الناس كلامه، ودوّنوا ألفاظه، واقتبسوا من علمه.

وفي طول ما مدح الله به عباده والصّالحين بالأسماء الكريمة، ووصفهم بالخصال الشريفة، لم يمدحهم بشيء أقلّ من ذكره لهم بالحلم.

ولم نجد ذلك في القرآن إلّا في موضعين [٤] .

وقد وصف النّاس بالحلم عادا في الجملة كما قال النابغة:

أحلام عاد وأجساد مطهّرة ... من المعقّة والآفات والأثم [٥]


[١] المرح: النشيط. والجامّ، من الجمام كسحاب، وهو الراحة، وذلك إذا ترك فلم يركب، فعفا من تعبه وذهب إعياؤه.
[٢] الطاق: الطليسان، أو الطيلسان الأخضر، أو ضرب من الثياب.
[٣] في الأصل: «وممن» .
[٤] يعني ندرة الوصف بالحلم، كأنه لندرة من اتصف به. أما الموضع الأول فهو في وصف إبراهيم عليه السلام: (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)
و (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)
١١٤ من التوبة و ٧٥ من هود. والموضع الثاني في صفة شعيب، قال له قومه: (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)
الآية ٨٧ من سورة هود. أقول وهناك موضع ثالث في سورة الصافات ١٠١ في صفة إسماعيل: (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) .
[٥] ديوان النابغة ١٢٧ والبيان ٢: ٢٦٥ في مدح ملوك غسّان حين ارتحل عنهم راجعا.
والمعقّة: العقوق. والأثم، بضمتين: جمع أثام كسحاب وكتاب، وهو الإثم. ولم يرد هذا الجمع في المعاجم ولكنه قياسى.

<<  <   >  >>