للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذِي الْحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيمَانَ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ بَصَرُهُ، وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُ أَيْلَةَ؟ قُلْتُ: وَمَا أَيْلَةُ؟ قَالَ: قَرْيَةٌ كَانَ بِهَا نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَحَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْحِيتَانِ يَوْمَ السَّبْتِ، فَكَانَتْ حِيتَانُهُمْ تَأْتِيهِمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا بَيْضَاءَ سِمَانَ، كَأَمْثَالِ الْمَخَاضِ بَأَفْنِيَاتِهِمْ وَأَبْنِيَاتِهِمْ، فَإِذَا كَانَ فِي غَيْرِ يَوْمِ السَّبْتِ، لَمْ يَجِدُوهَا، وَلَمْ يُدْرِكُوهَا إِلَّا فِي مَشَقَّةٍ وَمُؤْنَةٍ شَدِيدَةٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ - أَوْ مَنْ قَالَ ذَلِك مِنْهُمْ -: لَعَلَّنَا لَوْ أَخَذْنَاهَا يَوْمَ السَّبْتِ، وَأَكَلْنَاهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ السَّبْتِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْهُمْ، فَأَخَذُوا فَشَوَوْا، فَوَجَدَ جِيرَانُهُمْ رِيحَ الشَّوْيِ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا نَرَى أَصْحَابَ بَنِي فُلَانٍ بِشَيْءٍ، فَأَخَذَهَا (١) آخَرُونَ، حَتَّى فَشَا ذَلِكَ فِيهِمْ وَكَثُرَ، فَافْتَرَقُوا فِرَقًا ثَلَاثًا، فِرْقَةً أَكَلَتْ، وَفِرْقَةً نَهَتْ، وَفِرْقَةً قَالَتْ ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ (٢)، فَقَالَتِ الْفِرْقَةُ الَّتِي نَهَتْ: إِنَّا نُحَذِّرُكُمْ غَضَبَ اللهِ وَعِقَابَهُ، أَنْ يُصِيبَكُمْ بِخَسْفٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ بِبَعْضِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعَذَابِ، وَاللهِ لَا نُبَايِتُكُمْ فِي مَكَانٍ وَأَنْتُمْ فِيهِ، وَخَرَجُوا مِنَ السُّورِ، فَغَدَوْا عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ، فَضَرَبُوا بَابَ السُّورِ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ أَحَدٌ، فَأتَوْا بِسَبَبٍ (٣)، فَأَسْنَدُوهُ إِلَى السُّورِ، ثُمَّ رَقَى مِنْهُمْ


(١) في (و): "فأخذوها".
(٢) (الأعراف: آية ١٦٤).
(٣) قوله: "بسبب" مكانه بياض في (و) و (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>