للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَبِيَّ اللهِ لَبِثَ بِهِ بَلاؤُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَرَفَضَهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنْ إِخْوَانِهِ كَانَا مِنْ أَخَصِّ إِخْوَانِهِ، قَدْ كَانَا يَغْدُوَانِ إِلَيْهِ وَيَرُوحَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ ذَاتَ يَوْمٍ: تَعْلَمُ وَاللهِ لَقَدْ أَذْنَبَ أَيُّوبُ ذَنْبًا مَا أَذْنَبَهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ. فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: مُنْذُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يَرْحَمْهُ اللهُ، فَيَكْشِفَ عَنْهُ مَا بِهِ. فَلَمَّا رَاحَا إِلَى أَيُّوبَ لَمْ يَصْبِرِ الرَّجُلُ حَتَّى ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي مَا تَقُولُ (١) غَيْرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَمُرُّ بِالرَّجُلَيْنِ فَيَتَنَازَعَانِ يَذْكُرَانِ اللهَ، فَأَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي، فَأُكَفِّرُ عَنْهُمَا كَرَاهِيَةَ أَنْ يُذْكَرَ اللهُ إِلَّا فِي حَقٍّ، وَكَانَ يَخْرُجُ لِحَاجَتِهِ، فَإِذَا قَضَى حَاجَتَهُ أَمْسَكَتِ امْرَأَتُهُ بِيَدِهِ حَتَّى يَبْلُغَ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَبْطَأَ عَلَيْهَا، فَأَوْحَى اللهُ إِلَى أَيُّوبَ فِي مَكَانِهِ أَنِ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ، فَاسْتَبْطَأَتْهُ فَتَلَقَّتْهُ يَنْضُو (٢) وَأَقْبَلَ عَلَيْهَا قَدْ أَذْهَبَ اللهُ مَا بِهِ مِنَ الْبَلَاءِ، وَهُوَ أَحْسَنُ مَا كَانَ، فَلَمَّا رَأَتْهُ، قَالَتْ: أَيْ بَارَكَ اللهُ فِيكَ، هَلْ رَأَيْتَ نَبِيَّ اللهِ هَذَا الْمُبْتَلَى؟ وَاللهِ عَلَى ذَلِكَ مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشْبَهَ بِهِ مِنْكَ إِذْ كانَ صَحِيحًا. قَالَ: فَإِنِّي (٣) أَنَا هُوَ. قَالَ: وَكَانَ لَهُ أَنْدَرَانِ (٤)؛ أَنْدَرٌ لِلْقَمْحِ وأَنْدَرٌ (٥)


(١) في (و) و (ص): "يقول".
(٢) قال الزبيدي في تاج العروس (٤٠/ ٩٧): "ومن المجاز: نضا الفرس الخيل ينضوها نضوا ونضيا: تقدمها وسبق وانسلخ منها وخرج من بينها؛ وكذلك الناقة. ومنه حديث جابر: جعلت ناقتي تنضو الرفاق، أي تسبقهم"، فهي هنا بمعنى سرعة الخطو، وفي تفسير الطبري (٢٠/ ١٠٩)، وشرح مشكل الآثار للطحاوي (١١/ ٥٣٥)، والأحاديث الطوال للطبراني (ص ٢٧٦): "تنظر"، والله أعلم.
(٣) في (و) و (ص): "إني".
(٤) في (و): "أبدران" خطأ، والأندر: البيدر، وهو الكدس من القمح، والجمع أنادر.
(٥) في (و): "وأبدر".

<<  <  ج: ص:  >  >>