للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَيَّ يَا ابْنَ أَخِي، فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى جَلَسَ عِنْدَهُ، فَجَاءَ النَّاسُ، فَقَامُوا عَلَيْهِمَا، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، كَيْفَ كَانَ أَمَرُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: لَا شَيْءَ، وَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ لَقِينَاهُمْ فَمَنَحْنَاهُمْ أَكْتَافَنَا يَقْتُلُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا، وَيَأْسِرُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا، وَايْمُ اللهِ مَا لُمْتُ النَّاسَ. قَالَ: وَلِمَ (١)؟ قَالَ: رَأَيْتُ رِجَالًا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ، لَا وَاللهِ مَا تُلِيقُ شَيْئًا، وَلَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ، قَالَ: فَرَفَعْتُ طَرْفَ (٢) الْحُجْرَةِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ (٣)، فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ يَدَهُ، فَلَطَمَ وَجْهِي وَثَاوَرْتُهُ، فَاحْتَمَلَنِي فَضَرَبَ بِيَ الْأَرْضَ حَتَّى نَزَلَ (٤) إِلَيَّ، فَقَامَتْ أُمُّ الْفَضْلِ فَاحْتَجَزَتْ، وَأَخَذَتْ عَمُودًا مِنْ عُمَدِ الْحُجْرَةِ، فَضَرَبَتْهُ بِهِ، فَفَلَقَتْ فِي رَأْسِهِ شَجَّةً مُنْكَرَةً، وَقَالَتْ: يَا عَدُوَّ اللهِ، اسْتَضْعَفْتَهُ، أَنْ رَأَيْتَ سَيِّدَهُ غَائِبًا عَنْهُ، فَقَامَ ذَلِيلًا، فَوَاللهِ مَا عَاشَ إِلَّا سَبْعَ لَيَالٍ حَتَّى ضَرَبَهُ اللهُ بِالْعَدَسَةِ (٥) فَقَتَلَتْهُ، فَلَقَدْ تَرَكَهُ ابْنَاهُ لَيْلتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مَا يَدْفِنَانِهِ (٦) حَتَّى أَنْتَنَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَابْنَيْهِ: أَلَا تَسْتَحِيَانِ، إِنَّ أَبَاكُمَا قَدْ أَنْتَنَ فِي بَيْتِهِ؟ فَقَالَا: إِنَّا نَخْشَى هَذِهِ الْقُرْحَةَ. وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَتَّقِي الْعَدَسَةَ كَمَا تَتَّقِي الطَّاعُونَ، فَقَالَ رَجُلٌ: انْطَلِقَا فَأَنَا مَعَكُمَا، قَالَ: فَوَاللهِ مَا غَسَّلُوهُ إِلَّا قَذْفًا بِالْمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ، ثُمَّ احْتَمَلُوهُ فَقَذَفُوهُ فِي أَعْلَى مَكَّةَ إِلَى


(١) في (و) و (ك): "وكيف".
(٢) قوله: "طرف" ساقط من (ك).
(٣) في (و): "تلك والله الملائكة".
(٤) في (ك): "ترك".
(٥) قال ابن الأثير (٣/ ١٩٠): "هي بثرة تشبه العدسة، تخرج في مواضع من الجسد، من جنس الطاعون، تقتل صاحبها غالبا".
(٦) في (ك): "ما يدفناه".

<<  <  ج: ص:  >  >>