للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَسَدٌ (١) كَأَنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ عَرِينِهِ (٢)، فَمَنْ يَكْفِينِيهِ (٣)؟! فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: أَنَا. فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَضَعَ شَمْعَةً فِي طَرَفِ رُمْحِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ فَرَسَهُ، ثُمَّ طَعَنَ الْفُسْطَاطَ فَالْتَهَبَ نَارًا، وَالْكَعْبَةُ يَوْمَئِذٍ مُؤَزَّرَةٌ فِي الطَّنَافِسِ، وَعَلَى أَعْلَاهَا الْحِبَرَةُ، فَطَارَتِ الرِّيحُ بِاللَّهَبِ عَلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى احْتَرَقَتْ، وَاحْتَرَقَ فِيهَا يَوْمَئِذٍ قَرْنَا الْكَبْشِ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسْحَاقُ. قَالَ: فَبَلَغَ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ مَوْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَهَرَبَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ دَعَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ إِلَى نَفْسِهِ، فَأَجَابَهُ أَهْلُ حِمْصَ وَأَهْلُ الْأُرْدُنِّ وَفِلَسْطِينَ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ فِي مِائَةِ أَلْفٍ، فَالْتَقَوْا بِمَرْجِ رَاهِطٍ وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَمَوَالِيهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَ مَرْوَانُ لِمَوْلًى لَهُ كَرِهٍ: احْمِلْ عَلَى أَيِّ الطَّرَفَيْنِ شِئْتَ. فَقَالَ: كَيْفَ نَحْمِلُ عَلَى هَؤُلَاءِ مَعَ كَثْرَتِهِمْ (٤)؟! فَقَالَ: هُمْ بَيْنَ مُكْرَهٍ وَمُسْتَأَجَرٍ، احْمِلْ عَلَيْهِمْ لَا أُمَّ لَكَ، فَيَكْفِيكَ الطِّعَانُ النَّاجِعُ الْجَيِّدُ، وَهُمْ يَكْفُونَكَ بِأَنْفُسِهِمْ، إِنَّمَا هَؤُلَاءِ عَبِيدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ. فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ فَهَزَمَهُمْ، وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَانْصَدَعَ الْجَيْشُ، فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ:

لَعَمْرِي لَقَدْ أَبْقَتْ وَقِيعَةُ رَاهِطٍ … لِمَرْوَانَ صَرْعَى وَاقِعَاتٍ وَسَابَيَا (٥)


(١) في (م): "أشد".
(٢) تكررت كلمة: "عرينه" في (م).
(٣) في (ك): "يكفنيه".
(٤) من قوله: "فقال: كيف نحمل"، إلى هاهنا غير موجودة في (ك) ومضروب عليها في (و)، وفي (م): "فقال: كيف تحمل على هؤلاء أكثرتهم"، وفي المعجم الكبير للطبراني ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (٢٨/ ٢٣٠): "كيف أحمل على هؤلاء لكثرتهم؟! ".
(٥) في (ك) و (و): "وساميا"، وفي أخبار مكة للفاكهي (٢/ ٢٢٧): "لمروان صدعا بينا =

<<  <  ج: ص:  >  >>