للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِلَيْكَ أَنْ أَكْفِيَكَهُ، أَوَّلهِ أَوْ آخِرِهِ؟ قَالَ: بَلِ اكْفِنِي أَوَّلَهُ. قَالَ: فَاضْطَجَعَ الْمُهَاجِرِيُّ فَنَامَ، وَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ يُصَلِّي. قَالَ: وَأَتَى زَوْجُ الْمَرْأَةِ، فَلَمَّا رَأَى شَخَصَ الرَّجُلِ عَرَفَ أَنَّهُ رَبِيِئَةُ (١) الْقَوْمِ. قَالَ: فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ، قَالَ: فَنزعَهُ فَوَضَعَهُ، وَثَبَتَ قَائِمًا يُصَلِّي، ثُمَّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ آخَرَ، فَوَضعَهُ فِيهِ، فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ، وَثَبَتَ قَائِمًا يُصَلِّي، ثُمَّ عَادَ لَهُ الثَّالِثَةَ، فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَنَزَعَهُ، فَوَضَعَهُ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ أَهَبَّ صَاحِبَهُ، فَقَالَ: اجْلِسْ فَقَدْ أتِيتُ. فَوَثَبَ، فَلَمَّا رَآهُمَا الرَّجُلُ عَرَفَ أَنَّهُ قَدْ نُذِرَ بِهِ، فَهَرَبَ، فَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالْأَنْصَارِيِّ مِنَ الدِّمَاءِ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، أَفَلَا أَهْبَبْتَنِي أَوَّلَ مَا رَمَاكَ؟ قَالَ: كُنْتُ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا حَتَّى أُنْفِذَهَا، فَلَمَّا تَابَعَ عَلَيَّ الرَّمْيَ رَكَعْتُ فَآذَنْتُكَ، وَايْمُ اللهِ لَوْلَا أَنْ أُضَيِّعَ ثَغْرًا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ بِحِفْظِهِ لَقُطِعَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَقْطَعَهَا، أَوْ أُنْفِذَهَا (٢).

هَذَا حَدِيثٌ صحِيحُ الْإِسْنَادِ، فَقَدِ احْتَجَّ مُسْلِمٌ بِأَحَادِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فَأَمَّا عَقِيلُ بْنُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، فَإِنَّهُ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ أَخَوَيْهِ (٣) مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ ضَيِّقَةٌ قَدِ اعْتَمَدَ أَئِمَّتُنَا هَذَا الْحَدِيثَ، أَنَّ خُرُوجَ الدَّمِ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِ الْحَدثِ لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ.


(١) قال ابن الأثير في النهاية (٢/ ١٧٩): "الربيئة: وهو العين والطليعة، الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو، ولا يكون إلا على جبل أو شرف ينظر منه".
(٢) إتحاف المهرة (٣/ ٢٧٦ - ٣٠٠٦)، وعقيل بن جابر بن عبد الله الأنصارى لم يرو عنه غير صدقة ووثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: لا أعرفه، وعلق حديثه البخاري (١/ ٤٦) فقال: "ويذكر عن جابر أن النبي كان في غزوة ذات الرقاع … ".
(٣) في (و): "إخوته".

<<  <  ج: ص:  >  >>