على بطنها وتأكل التراب، وانتقم من حواء بتعبها هى ونسلها فى حبلها ... إلى آخر ما ذُكر فيها مما يتعلق بهذه القصة.
ومثلاً نجد القرآن الكريم قد اشتمل على موضوعات وردت فى الإنجيل، فمن ذلك قصة عيسى ومريم، ومعجزات عيسى عليه السلام، كل ذلك جاء به القرآن فى أسلوب موجز، يقتصر على موضع العظة، ومكان العبرة، فلم يتعرَّض القرآن لنسب عيسى مفصَّلاً، ولا لكيفية ولادته، ولا للمكان الذى وُلِدَ فيه، ولا لذكر الشخص الذى قُذِفت به مريم، كما لم يتعرض لنوع الطعام الذى نزلت به مائدة السماء، ولا لحوادث جزئية من إبراء عيسى للأكمه والأبرص وإحياء الموتى..
مع أننا لو نظرنا فى الإنجيل لوجدناه قد تعرَّض لنسب عيسى، ولكيفية ولادة مريم له، ولذكر الشخص الذى قُذِفت به مريم، ولنوع الطعام الذى نزلت به مائدة السماء ولحوادث جزئية من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، ولكثير من مثل هذا التفصيل الموسَّع الذى أعرض عنه القرآن فلم يذكره لنا.
وبعد ... فهل يجد المسلمون هذا الإيجاز فى كتابهم، ويجدون بجانب ذلك تفصيلاً لهذا الإيجاز فى كتب الديانات الأخرى، ثم لا يقتبسون منها بقدر ما يرون أنه شارح لهذا الإيجاز وموضِّح لما فيه من غموض؟.. هذا ما نريد أن نعرض له فى هذا البحث، ليتبين لنا كيف دخلت الإسرائيليات فى التفسير، وكيف تطوَّر هذا الدخول، وإلى أى حد تأثر التفسير بالتعاليم اليهودية والنصرانية.
* *
* مبدأ دخول الإسرائيليات فى التفسير وتطوره:
نستطيع أن نقول: إن دخول الإسرائيات فى التفسير، أمر يرجع إلى عهد الصحابة رضى الله عنهم، وذلك نظراً لاتفاق القرآن مع التوراة والإنجيل فى ذكر بعض المسائل كما تقدَّم، مع فارق واحد، هو الإيجاز فى القرآن، والبسط والإطناب فى التوراة والإنجيل. وسبق لنا القول بأن الرجوع إلى أهل الكتاب، كان مصدراً من مصادر التفسير عند الصحابة، فكان الصحابى إذا مَرَّ على قصة من قصص القرآن يجد من نفسه ميلاً إلى أن يسأل عن بعض ما طواه القرآن منها ولم يتعرض له، فلا يجد مَن يجيبه على سؤاله سوى هؤلاء النفر الذين دخلوا فى الإسلام، وحملوا إلى أهله ما معهم من ثقافة دينية، فألقوا إليهم ما ألقوا من الأخبار والقصص الدينى.
غير أن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - لم يسألوا أهل الكتاب عن كل