وأما التأويل: فإنه يُستعمل مرة عاماً، ومرة خاصاً، نحو "الكفر" المستعمل تارة فى الجحود المطلق، وتارة فى جحود البارى خاصة. و "الإيمان" المستعمل فى التصديق المطلق تارة، وفى تصديق دين الحق تارة، وإما فى لفظ مشترك بين معان مختلفة، نحو لفظ "وجد" المستعمل فى الجد والوجد والوجود".
٣ - قال الماتوردى: "التفسير: القطع على أن المراد من اللفظ هذا، والشهادة على الله أنه عنى باللفظ هذا، فإن قام دليل مقطوع به فصحيح، وإلا فتفسير بالرأى، وهو المنهى عنه، والتأويل ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة على الله"، وعلى هذا فالنسبة بينهما التباين.
٤ - قال أبو طالب الثعلبى: "التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازاً، كتفسير "الصراط" بالطريق، و "الصَيِّب" بالمطر. والتأويل تفسير باطن اللفظ، مأخوذ من الأول، وهو الرجوع لعاقبة الأمر. فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد، والتفسير إخبار عن دليل المراد، لأن اللفظ يكشف عن المراد، والكاشف دليل، مثاله قوله تعالى فى الآية [١٤] من سورة الفجر: {إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد} .. تفسيره أنه من الرصد، يقال: رصدته: رقبته، والمرصاد مفعال منه، وتأويله التحذير من التهاون بأمر الله، والغفلة عن الأهبة والاستعداد للعرض عليه. وقواطع الأدلة تقتضى بيان المراد منه على خلاف وضع اللفظ فى اللغة" وعلى هذا فالنسبة بينهما التباين.
٥ - قال البغوى ووافقه الكواشى: "التأويل هو صرف الآية إلى معنى محتمل يوافق ما قبلها وما بعدها، غير مخالف للكتاب والسُّنَّة من طريق الاستنباط. والتفسير هو الكلام فى أسباب نزول الآية وشأنها وقصتها" بتصرف. وعلى هذا فالنسبة بينهما التباين.
٦ - قال بعضهم: "التفسير ما يتعلق بالرواية، والتأويل ما يتعلق بالدراية"، وعلى هذا فالنسبة بينهما التباين.
٧ - التفسير هو بيان المعانى التى تُستفاد من وضع العبارة، والتأويل هو بيان المعانى التى تُستفاد بطريق الإشارة. فالنسبة بينهما التباين، وهذا هو المشهور عند المتأخرين، وقد نبَّه إلي هذا الرأى الأخير العلامة الألوسى فى مقدمة تفسيره حيث قال بعد أن استعرض بعض أقوال العلماء فى هذا الموضوع: "وعندى أنه إن كان المراد الفرق بينهما بحسب العُرْف فكل الأقوال فيه - ما سمعتها وما لم تسمعها -