مخالف للعُرْف اليوم إذ قد تعورف من غير نكير: أن التأويل إشارة قدسية، ومعارف سبحانية، تنكشف من سجف العبارات للسالكين، وتنهل من سُحُبِ الغيب على قلوب العارفين. والتفسير غير ذلك.
وإن كان المراد الفرق بينهما بحسب ما يدل عليه اللفظ مطابقة، فلا أظنك فى مرية من رد هذه الأقوال، أو بوجه ما، فلا أراد ترضى إلا أن فى كل كشف إرجاعاً، وفى كل إرجاع كشفاً، فافهم".
هذه هى أهم الأقوال فى الفرق بين التفسير والتأويل. وهناك أقوال أخرى أعرضنا عنها مخافة التطويل.
والذى تميل إليه النفس من هذه الأقوال: هو أن التفسير ما كان راجعاً إلى الرواية، والتأويل ما كان راجعاً إلى الدراية، وذلك لأن التفسير معناه الكشف والبيان. والكشف عن مراد الله تعالى لا نجزم به إلا إذا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن بعض أصحابه الذين شهدوا نزول الوحى وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع، وخالطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن الكريم.
وأما التأويل.. فملحوظ فيه ترجيح أحد محتملات اللفظ بالدليل.
والترجيح يعتمد على الاجتهاد، ويُتوصل إليه بمعرفة مفردات الألفاظ ومدلولاتها فى لغة العرب، واستعمالها بحسب السياق، ومعرفة الأساليب العربية، واستنباط المعانى من كل ذلك. قال الزركشى: "وكان السبب فى اصطلاح كثير على التفرقة بين التفسير والتأويل: التمييز بين المنقول والمستنبط، ليحيل على الاعتماد فى المنقول، وعلى النظر فى المستنبط".