وفى خاتمة التفسير يقول:"وقد أودعته بحمد الله جزيلاً من الدرر، وقد استوعبتُ بحمد الله مهمات ابن عطية، وأسقطتُ كثيراً من التكرار وما كان من الشواذ فى غاية الوهى، وزدتُ من غيره جواهر ونفائس لا يُستغنى عنها، مميَّزة معزوَّة لمحالها، منقولة بألفاظها، وتوخيتُ فى جميع ذلك الصِّدق والصواب".
هذا هو وصف المؤلف لكتابه وبيانه له، ومنه يضح جلياً أن الكتاب عبارة عن مختصر لتفسير ابن عطية، مع زيادة نُقُول نقلها الثعالبى عمَّن سبقه من المفسِّرين، ومن أجل هذا نستطيع أن نقول: إن الثعالبى فى تفسيره هذا ليس له بعد الجمع والترتيب إلا عمل قليل، وأثر فكرى ضئيل.
والكتاب مطبوع فى الجزائر فى أربعة أجزاء، وتوجد منه نسخة بدار الكتب المصرية، وأخرى بالمكتبة الأزهرية، وفى آخر الكتاب معجم مختصر فى شرح ما وقع فيه من الألفاظ الغريبة، ألحقه به مؤلفه، وزاد فيه كلمات أخرى وردت فى غيره يُحتاج إلى معرفتها، وجُلَّها مما جاء فى الموطأ وصحيحى البخارى، ومسلم وغيرهما من الكتب الستة، وبعد هذا ذكر الثعالبى مرائيه التى رأى فيها النبى صلى الله عليه وسلم.
وقد قرأت فى هذا التفسير فلاحظتُ أنه التزم ما ذكره فى مقدمته، فنقل عمَّن ذكرهم، ورمز إليهم بالحروف المذكورة، ووجدته يتعرض للقراءات أحياناً، ويدخل فى الصناعة النحوية ناقلاً عمَّن ذكره ومِنْ عند نفسه، ورأيته يستشهد فى بعض المواضع بالشعر العربى على المعنى الذى يذكره، وهو إذ يذكر الروايات المأثورة فى التفسير يذكرها بدون أن يذكر سنده إلى مَن يروى عنه، وقد وجدتُ الثعالبى يذكر بعض الروايات الإسرائيلية، ولكنه يتعقب ما يذكره بما يفيد عدم صحته، أو على الأقل بما يفيد عدم القطع بصحته، فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٢٠] من سورة النمل: {وَتَفَقَّدَ الطير فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى الهدهد أَمْ كَانَ مِنَ الغآئبين} نجده يذكر بعض الأخبار الإسرائيلية، ثم يقول بعد الفراغ منها:"والله أعلم بما صحَّ من ذلك"، ومثلاً عندما تكلم عن "بلقيس" فى نفس السورة السابقة نجده يقول: "وأكثرَ بعض الناس فى قصصها بما رأيتُ اختصاره لعدم صحته، وإنما اللازم من الآية، أنها امرأة ملكة على مدائن اليمن، ذات مُلْك عظيم، وكانت كافرة من قوم كُفَّار".
وجملة القول.. فإن الكتاب مفيد، جامع لخلاصات كتب مفيدة، وليس فيه ما فى غيره من الحشو المُخِل، والاستطراد المُمِل.